حازم منير

ترشيح الشاطر وتشريع الإعفاء من الجرائم فى دولة القانون

الثلاثاء، 03 أبريل 2012 10:18 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
هل يجوز للجنة العليا للانتخابات الرئاسية قبول أوراق المهندس خيرت الشاطر مرشحا لرئاسة مصر، وهو مرشح طبقا لأدلة مرئية ومسموعة ومكتوبة لجماعة غير قانونية لا تملك أية أوراق تفيد خضوعها للقانون والتزامها بنصوصه ؟؟

السؤال مرتبط بالمؤتمر الصحفى الذى انعقد عقب اجتماع لمجلس شورى جماعة الإخوان، وتحدث فيه السيد محمود حسين أمين عام الجماعة معلنا ترشيح الجماعة رسميا للمهندس الشاطر واستقالة الأخير من منصبه نائبا لرئيس الجماعة بعد التصويت لترشيحه 56 صوتا ضد 52 صوتا، ثم تحدث مرشد الجماعة السيد محمد بديع وأخيرا رئيس حزب الحرية والعدالة الدكتور محمد مرسى.

قد يبدو السؤال ساذجا وسط الأجواء التى نعيشها، وإذ بشخص يبحث وسط كل هذه الفوضى عن القانون واحترام القانون والمطالبة بإنفاذ القانون، ولكن فى نفس الوقت أنت لا تستطيع تجاهل السؤال لسببين جوهريين..
أولهما أن جماعة الإخوان المسلمين لم تصنع الثورة وتقودها لتصبح الآمرة الناهية سواء للشعب أو الجيش أو مؤسسات الدولة، كما أن الأحداث بدلت من الأوضاع ودفعت بنا لطريق الشرعية الدستورية والقانونية بديلا عن الشرعية الثورية التى تجيز لك أن تفعل ما تريد.
ثانيهما أن المنافسات السياسية تأسست وفقا لبنية قانونية أتاحت تأسيس الأحزاب السياسية وحظرت تكوين تلك القائمة على أسس دينية، وأصبح الترشح للبرلمان أو الرئاسة وخلافه متاحا لهذه الأحزاب فقط ومحظورا على الجمعيات والمنظمات الدينية والمؤكد أن جماعة الإخوان جزء من هؤلاء المحظور عليهم خوض سباق الانتخابات.

السؤال مرة أخرى وبصيغة معدلة، هل يجوز لحزب الحرية والعدالة التقدم بترشيح المهندس خيرت الشاطر لمنصب رئيس الجمهورية على أوراق الحزب، بعد إعلان الجماعة مسئوليتها الأولى والرئيسية عن ترشيحه ؟؟ وهل يجوز أن نعتبر هذه الإجراءات الشكلية مبررا للتجاوز عن إجراء غير دستورى وغير قانونى يتعلق بأرفع مناصب الدولة المصرية لمجرد أن حزب منح الخاتم لترشيح غير دستورى وغير قانونى؟؟

ما الذى يمنع قاضيا قرر الاشتباك مع متحدى القانون ويصدر حكما بقبول طعن فى أوراق ترشح المهندس خيرت الشاطر، ثم تأتى اللجنة العليا مستندة على حصانتها غير الدستورية لتصدر قرارا بقبول أوراق الترشح، ويصبح منصب رئيس الجمهورية معرضا للتلوث والتشكك فى مدى دستوريته..

ما الذى يمنع مواطنا من الطعن أمام القضاء على شرعية ترشح المهندس خيرت الشاطر دون الالتفات لقرار اللجنة العليا بقبول أوراق ترشحه بهدف تلافى معوق الحصانة غير الدستورية الممنوحة للجنة بحظر الطعن على قراراتها..

المسألة أن ما نعيشه الآن جزء لا يتجزء من حالة سيولة لا تحترم القانون رغم الادعاء بغير ذلك، وربما يتيح المناخ القائم استيعاب هذه الأخطاء والتعامل معها بمنطق الاستهانة، ولكن ما الذى يمنع وجود بيئة مختلفة فى زمن آخر قريب جدا ربما يتعامل مع هذه التجاوزات الدستورية والقانونية الصارخة بمنطق مختلف تماما..

فى سياق الارتخاء فى التعامل مع القانون تبدو قضايا عديدة مثيرة للجدل فعلا... هل يجوز عقب الثورات أن تقوم القوى أو الجماعات الثورية بإصدار تشريع للعفو عن أنصارها أو من سبق إدانتهم فى العصر البائد وفقا لمفهوم النظام الجديد؟، وهل يجوز اعتبار تبرئة المدانين فى عصور سابقة جزء من عملية التغيير الثورى ؟ وهل تخضع الأحكام والإجراءات القضائية لهذا المفهوم ؟؟ وهل تتغير توصيفات الجريمة فى مرحلة عن الأخرى لتصبح فى الأولى مدانة وفى الثانية متاحة؟؟

السؤال بصورة مغايرة.. هل يمكن تحول الإرهابى الذى قام بفعل آثم راح ضحيته أبرياء عزل فى إطار مواجهة بين تنظيم يحمل السلاح ضد النظام وبين النظام.. هل يمكن أن يتحول هذا الإرهابى إلى بطل قومى جاهد فى وجه النظام البائد وأسقطه ؟؟ وهل يمكن للقانون أن يبرئ من يرتكب مثل هذه أفعال لمجرد قيام ثورة ضد النظام السابق؟؟ وهل سيحصل مرتكب الفعل الإرهابى على نفس التوصيف والبراءة إذا ما ارتكب جريمته الآن ؟؟ أم عليه انتظار ثورة أخرى ليتحول بها من إرهابى إلى بطل؟؟ وهل يمكن تحويل توصيف الجرم الإرهابى إلى ثورى لمجرد قيام ثورة؟ وهل بذلك ننهى عصر توصيف الجرائم وتحديدها ونحولها إلى معان مؤقتة ترتبط بطبيعة الحكم ؟؟

وحتى لا أتهم باستدعاء صورة مبالغ فيها.. هل يجوز لتنظيم أن يصدر تشريعا من البرلمان يبرئ أنصاره من تهم ارتكبوها فى ظل نظام سابق لمجرد سقوط هذا النظام، تهم مثل تشكيل تنظيمات مسلحة بالمخالفة للقانون، وهل يتيح القانون الحالى الانضمام لتنظيمات مسلحة بهدف تغيير نظام الحكم ؟؟ وماذا لو ضبطت الأجهزة الأمنية الآن جماعة تعمل على تغيير نظام الحكم بالقوة؟؟ هل ستبرئها من الاتهامات أم تحيلها للقضاء؟؟ وهل سنكون هنا أمام معيارين لمفهوم القوة فى العمل السياسى ؟؟ أم أن العنصر الحاسم هو الانتماء للثورة بدلا من التزام القانون؟؟

هى أسئلة محيرة سيعتبر البعض أنها ساذجة وسيعتبرها البعض لا تعبر عن روح ثورية وإنما روح بيروقراطية قانونية.. وسيعتبرها البعض ثالثا مجرد دردشة عابرة.. ولكن ما سيتبقى فعليا أننا نؤسس لدولة لا تحترم القانون فى مرحلة يفترض أن يتم فيها تأسيس دولة القانون.








مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة