فى جلسة واحدة أقرت لجنة برلمانية تشريعا يمنع "الفلول" من خوض الانتخابات الرئاسية، وأحاله البرلمان إلى اللجنة المختصة وينتظر أن يصدر فى غضون ساعات من اللجنة تمهيدا لإقرار البرلمان له، ومنع هؤلاء "الفلول" من المنافسة فى الانتخابات الرئاسية، المفارقة أن النواب إما لا يعرفون أو أنهم مغرضون.
لا يعرفون أن هذا التشريع لابد من عرضه على المحكمة الدستورية العليا قبل إقراره كونه متعلقا بالانتخابات الرئاسية، وهى خطوة إجرائية جوهرية وأصيلة من دونها يبطل التشريع كأنه لم يكن.
لا يعرفون وهم المعنيون بالتشريع أن المحكمة الدستورية العليا التى تحتل المكانة الثانية على مستوى المحاكم الدستورية فى العالم لا يمكن أن تقر مثل هذا القانون، كونه يفرض قيودا على الحقوق والحريات العامة، فالمحكمة الدستورية الوطنية موقعها متميز بين دول العالم كونها من أفضل من يحمى الحقوق والحريات العامة و الخاصة، ما سبق ليس مصادرة على المحكمة الدستورية إنما إظهار لفضائلها على المجتمع.
لا يعرفون وهم المعنيون بالتشريع أن الإعلان الدستورى يحظر سن تشريعات بأثر رجعى، وهم يستهدفون من تشريعهم شطب من ترشح ممن يتهمونهم بأنهم "فلول" بعد أن ترشح فعلا، أنهم بذلك يسنون تشريعا بأثر رجعى رغم مخالفة ذلك للإعلان الدستورى، فهم يجرمون أشخاصا على أفعال لم تكن مجرمة من قبل.
لا يعرفون وهم المعنيون بالتشريع أن هذا القانون مثل غيره يحتاج إلى تصديق المجلس العسكرى كغيره من التشريعات، كون الحاكم العسكرى يقوم بدور الرئيس الذى لابد وأن يصادق على التشريعات قبل نشرها فى الجريدة الرسمية للعمل بها.
أو مغرضون.... فهم يعرفون كل ما سبق، إنما يرغبون فى فرقعة إعلامية تضع إما المحكمة الدستورية العليا موضع الاتهام ونظرات الشك والريبة من شباب الثورة الثائرين على ترشيحات "الفلول"، أو تشعل الأرض نارا بين الشباب الثائر الخائف على ثورته والغيور عليها وبين المجلس العسكرى، لنعود مرة أخرى لدائرة العنف والعنف المضاد وتتعطل الانتخابات الرئاسية وغيرها من خطوات المرحلة الانتقالية المشرفة على نهايتها.
بالمناسبة مصير البرلمان معلق فى الهواء ليس فقط بسبب الطعن المدرج على أجندة المحكمة الدستورية العليا... إنما لسبب آخر أكثر تأثيرا.... فالنظام الانتخابى، صدر بإعلان دستورى فى 26 سبتمبر، ثم بقانون فى اليوم التالى... و فى 8 أكتوبر تعدل النظام الانتخابى بقانون جديد جاء مخالفا للإعلان الدستورى فاستحق الإلغاء..
لمزيد من التفاصيل.. الإعلان الدستورى نص على أن تجرى الانتخابات بنظام القوائم الحزبية المغلقة على ثلثى المقاعد، وبين المستقلين على ثلث المقاعد... المرسوم بقانون فى 8 أكتوبر نص على إجراء الانتخابات بنظام القوائم الحزبية المغلقة على ثلثى المقاعد، وبين المستقلين و الأحزاب على ثلث المقاعد... القانون جاء خروجا على الإعلان الدستورى ومخالفا له.. لذا وجب الحل لأن القانون متعارض مع الدستور وهذا غير جائز.
أما مرشحو الرئاسة فحدث و لا حرج، خصوصا وأن الانتخابات دخلت دائرة المزايدة ولا قانون يحكمها ولا رابط ولا ضابط.. واللجنة العليا للانتخابات الرئاسية يا مولاى كما خلقتنى تشكو قصر اليد وتعمل بالمثل الشعبى العين بصيرة و الإيد قصيرة.
المهندس خيرت الشاطر يقول لو فاز عمر سليمان بالانتخابات ستقوم ثورة ثانية... حسنا من سيقوم بالثورة الثانية الشعب؟ ربما ولكن كيف إذا كانت الأغلبية قد اختارت عمر سليمان مثلا، فهل الأغلبية ستقوم بثورة ضد الأغلبية أم أن فى مصر أغلبيتين وليست أغلبية واحدة؟.
هل يقصد المهندس خيرت أن فى مصر أغلبيتين واحدة تظهر فى صندوق الانتخابات، والثانية تمشى فى المظاهرات؟ و هل يقصد أن أيهما لا يمكن أن يتحقق له الأغلبيتان معا؟ ومن نصدق أنه صاحب القرار الصحيح، هل أغلبية الصندوق أم أغلبية المظاهرات ؟ وما قيمة الانتخابات إذا كان المهندس خيرت قد حسم الأمر بثورة شعبية لو فاز مرشح "الفلول" ؟ أعتقد أن المقصود هو أن تنتخبونى وإلا فالثورة جاهزة.
الدكتور سليم العوا وهو قائد مميز ومناضل محترم خانه التوفيق وقال "لو فزت بالرئاسة سأحاكم عمر سليمان "والصديق العزيز صاحب التاريخ النضالى المميز د. عبد المنعم أبو الفتوح قال "لو فزت فى الانتخابات سأعيد محاكمة كل من برأته المحاكم من رموز النظام السابق".
السؤال هنا... هل يقصد د. أبو الفتوح أن المحاكم التى برأت بعض رموز النظام السابق كانت مخالفة للقانون "لفظ مهذب" أو أخطأت بالقانون، وهو يضمن أن المحاكم التى ستعيد محاكمة هؤلاء مستقبلا ملتزمة بالقانون ولا تخطىء؟ أم يقصد أن المحاكم والقانون والقضاء والقضاة ليسوا على مستوى الثورة وبعد انتخابه سيصبحون كذلك؟.
أما د. سليم العوا.. فمن غير الواضح على أى شىء سيحاكم عمر سليمان؟ هل هناك اتهامات محددة تغاضت عنها النيابة العامة مثلا؟ ولو كان.. فلماذا لا تقدم اتهاماتك الآن للنائب العام وتطلب منه التحقيق فيها؟ وهل كونك رئيسا فى المستقبل يعطيك الحق فى محاكمة شخص إذا لم يقرر القضاء محاكمته؟.
بالمناسبة وقبل أن يبدأ البعض فى التعليقات هجوما ملوثا بالقذف والسب.. فكاتب هذا المقال لا يدافع عن عمر سليمان، ولا ينوى التصويت له فى الانتخابات، ، ولا لغيره من "الفلول" وإنما سأصوت لصالح القاضى الوطنى الحر هشام البسطويسى... وكل ما سبق دفاعا عن الحقوق والحريات العامة وحق الشعب فى الاختيار وانحيازا للانتخابات الحرة العادلة كتلك التى انتهت إلى فوز الحرية والعدالة بالأكثرية فى البرلمان بغرفتيه الشعب والشورى.. ولم يهدد أحد بالثورة إذا فاز الإخوان.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة