أشعر أحيانا أن بعض السلفيين لا يكتفون بأن يعينوا أنفسهم رقباء وأوصياء على مخالفيهم فى الرأى فحسب، وإنما يعينون أنفسهم أوصياء على الله ورسوله، فها هو الشيخ حازم صلاح أبوإسماعيل يحشر نفسه فى كل «مطبخ»، بزعم أن البهارات «حرام»، وأن جوز الطيب الذى يدخل فى تركيبة البهارات من المسكرات، وحينما تناولت هذا الأمر فى مقال سابق نشر بتاريخ 25 مارس الحالى، قامت الدنيا ولم تقعد، ونالنى جراء ذلك الكثير من الرسائل الموبخة حينا، والمطالبة بالاعتذار للشيخ حينا، والمهددة والمتوعدة حينا آخر.
فى الحقيقة لم أكن أتخيل أن محبى الشيخ «أبوإسماعيل» على هذا القدر من التطرف، كما لم أتخيل أن كارهى الشيخ كثر إلى هذا الحد، فقد قام البعض بطباعة المقال آلاف النسخ، ووزعوها فى الشوارع وعلى جيرانهم وأقاربهم ومعارفهم، ويشهد الله أنى لم أكن أقصد من كتابة هذا المقال مناوأة الشيخ حازم أو معاداته، وإنما أردت أن أسلط الضوء على آلية تفكيره والتى تتشابه مع آلية تفكير الحاكم بأمر الله فحسب، وأن أوضح أن عقلية الشيخ حازم، ربما تكون مقبولة، وهو يخطب فى مسجد أو يسجل حلقة فى قناة لا تؤثر على سياسة ولا فى تجارة، وإنما أن تصل هذه العقلية إلى الحكم، فهذا يعنى أننا عدنا إلى النظام الكهنوتى المستبد، وما علينا إلا انتظار الكوارث.
أما سبب شعورى بأن بعض السلفيين يعينون أنفسهم أوصياء على الدين نفسه، فهو مخالفتهم للنص القرآنى الصريح الذى يقول «وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا»، فلم ينهنا الرسول عن تناول «جوز الطيب» أو البهارات، وحينما حرّمها الشيخ حازم لم يأت بما يدعم رأيه بنص من السنة أو القرآن، متجاهلا أن البهارات وجوز الطيب، كانت من أشهر البضائع التى يتاجر فيها العرب منذ قبل الميلاد، وحتى أيام النبوة، ولم يحرمها النبى، ويقال إن إخوة نبى الله يوسف عليه السلام باعوه لتجار العبيد فى قافلة لجماعة من تجار البهارات، وكان عرب اليمن يبحرون إلى الهند والحبشة ليحصلوا على جوز الطيب والبهارات وغيرهما من توابل وبضائع، ومن اليمن كانت تنتقل البهارات بواسطة التجار العرب إلى جميع أنحاء الجزيرة العربية، ومصر، وبيزنطة، ومنها إلى أوروبا، ومن المعروف أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يذهب مع عمه أبو طالب إلى اليمن متاجرا ، كما كان يتاجر بأموال السيدة خديجة فى الشام واليمن قبل البعثة وبعدها، ومن الجائز جدا أن يكون قد تاجر فى مثل هذه البضائع، فهل كان صلى الله عليه وسلم يتاجر فى حرام؟ وحتى لو لم يكن قد تاجر بها، فهل كان رضوان الله عليه ليسكت وهو يرى الناس تتداول أمرا محرما؟
لا يعنى هذا أنى أنكر أنه ربما يكون لجوزة الطيب آثار مخدرة، لكن كان الأوجب أن يحرم الشيخ تناولها بكميات كبيرة بقصد التخدير أو السكر، خاصة أننا لم نر واحدا يسكر من صينية بطاطس بجوز الطيب، فكما ذكرت فى المقال السابق.. إن الأصل فى الثواب والعقاب هو الإتاحة لا التحريم، وهناك عشرات الأنواع من الفاكهة تصلح لصناعة الخمر، كما أن هناك عشرات الأنواع من الأدوية تحتوى على نسبة مخدر، ولو حرم شيوخنا هذه الأطعمة وتلك الأدوية، فمن المؤكد أننا لن نجد شيئا لنأكله أو دواء لنعالج به.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
محمد
يابو دم خفيف
عدد الردود 0
بواسطة:
Mahmoud Emam
سنحيا كراما
سنحيا كراما رغم انف الحاقدين
عدد الردود 0
بواسطة:
KHALED
من كان كثيره مسكر فقليله حرام
عدد الردود 0
بواسطة:
أمل
وماذا عن عقليتك وطريقة تفكيرك ؟!
عدد الردود 0
بواسطة:
مصرى
اجدع سواق فى الجمهورية
عدد الردود 0
بواسطة:
محمود
انت بتكلم اللي يجوز امي اقوله يا عمي...
عدد الردود 0
بواسطة:
سعد المنياوى
كلام لا يستحق عناء الرد
عدد الردود 0
بواسطة:
mahmoud sabry
الحرام حقا ..... ولا للشيخ أبو اسماعيل
عدد الردود 0
بواسطة:
خالد
هو فى حد يعرفك اصلا
حازم ابو اسماعيل ..................رئيس
عدد الردود 0
بواسطة:
واحد من المسلمين
من أظرف الكتاب علي الساحه الأستاذ وائل العمري !!