ورقة الأقباط دائما وأبدا ما تكون هى التكئة الكاذبة لكل القوى الاستعمارية للتدخل فى شؤون مصر بحجة حماية الأقليات الدينية، بل قد أصبحت ورقة الأقليات هذه قولة حق يراد بها باطل، مرورا بالحملات الصليبية والحملة الفرنسية والاستعمار الإنجليزى وصولا للاستعمار الأمريكى الذى أخذ شكلا آخر عن طريق مكياج متطور، إضافة لدور العدو الصهيونى فى اللعب بهذه الورقة أيضا، فقد قامت أمريكا كعادتها بالضغط على الأمم المتحدة فأصدرت قرارا عام 1995 يعطى مجلس الأمن الحق فى التدخل عند وجود اضطهاد منظم ضد الأقليات الدينية، ثم صدر قانون أمريكى عام 1998 يحدد ست عشرة عقوبة على تلك الدول، ولكى تثبت أمريكا ذلك الاضطهاد فقد ربت واحتضنت وأطلقت بعضا من أقباط المهجر الموتورين والمتطرفين الباحثين عن الشهرة والحالمين بالزعامة الكاذبة والمتخيلين للبطولات الزائفة وكله باسم الأقباط المغرر بهم والمضحوك عليهم، حتى يدعوا كذبا بوجود اضطهاد منظم ضد الأقباط لا مشاكل للأقباط نتيجة لتراكمات سياسية واجتماعية عبر التاريخ، وقد تم تقسيم الأدوار حسب رؤية المخرج على من هم فى مصر ومن هم خارج مصر، كل بدوره، وبالطبع المقصود بالادعاء بوجود اضطهاد التبرير للتدخل الأمريكى فى شؤون مصر لحمايتهم، وقد شاهدنا عند واقعة ماسبيرو من حرك الشباب للتظاهر عند السفارتين الأمريكية والبريطانية طالبين التدخل والحماية الدولية للأقباط. ومن قال إن هناك أعمالا منظمة لقتل الأقباط وخطف فتياتهم على أساس الهوية الدينية، ومن يطالب بإقامة دولة قبطية.
واللافت للنظر هو أن بعض المأجورين والمسوّقين للصهيونية قد أعلنوا عن تلك الدولة القبطية المزعومة يوم إعلان دولة جنوب السودان، والأغرب الإعلان عن فتح مكاتب لتلك الدولة فى أمريكا وفرنسا والقدس، والأخطر هو فتح سفارة فى جنوب السودان، إضافة لهذا الدور المشبوه الذى يقوم به هؤلاء وعن طريق بعض السفارات الأجنبية تمنح تأشيرات لكثير من الأقباط تحت مسمى اضطهاد دينى، تلك الأدوار تتكامل لقسمة مصر ولتفتيتها، وآخر الأدوار خروج بعض المغمورين المتشوقين للظهور الإعلامى بجماعة «الإخوان المسيحيون» على غرار «الإخوان المسلمون»، وتأسيس حزب باسم «الأقباط المتحدون» بزعم أن الأقباط هم أكثر من عشرة ملايين فمن حقهم حزب قبطى «مسيحى» مثل الأحزاب الإسلامية، متاجرين بمشاكل الأقباط، فهل تكوين مثل هذه الأحزاب «إذا خرجت أصلا للنور» يخدم الأقباط ويحل مشاكلهم؟ وهل يمكن أن يتم حل مشاكل الأقباط بمعزل عن مشاكل المصريين تلك المشاكل المتراكمة والخطيرة؟ وهل لا يوجد للأقباط غير المشاكل الطائفية؟ وهل هذه الأحزاب يمكن أن تصل للحكم وتستطيع حل مشاكل؟ وإذا كان بالطبع لا، فلماذا هذا إلا إذا كان لمزيد من الفرز والعداوة الطائفية التى تمهد لأخطار لا يعلمها غير الله.
فمن المعروف أن الأقباط لو استطاعوا حل مشاكلهم بعيدا عن الأغلبية العددية المسلمة لفعلوا، إذن هل بهذه الفرقة والعزلة الطائفية والحديث كأقباط فى مواجهة مسلمين والسعى لأحزاب مسيحية هل هذا سيجمع كل المصريين لحل تلك المشاكل أم أن المقصود هو التفرقة وتفاقم مشاكل الأقباط حتى يجدوا ما يتاجرون به وما يستغله الأمريكان وغيرهم للتدخل؟ وهل هذا فى صالح الأقباط وفى صالح الوطن الذى تدعون أنه يعيش فى داخلكم؟ فبعد ثورة يناير لابد من تغيير الخطاب والطريقة فى التعامل مع هذه القضية، خاصة بعد خروج الشباب القبطى من خلف أسوار الكنيسة، فالحل هو المشاركة السياسية للجميع وعلى أرضية وطنية وليس طائفية، الحل هو المساهمة والمشاركة فى بناء الدولة المدنية الديمقراطية الحديثة، التى تعلى من حقوق المواطنة دون تمييز، حتى تظل مصر لكل المصريين.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة