فى 24 يناير 2011، أى قبل يوم واحد فقط من اندلاع ثورتنا المجيدة، كان الدكتور كمال الجنزورى يجلس فى بيته.. يتحسر على المنصب المرموق الذى ضاع حيناً، ويداعب شيخوخته حيناً آخر، وكان الدكتور محمد بديع، المرشد العام للإخوان المسلمين، يفكر فى الوسيلة المثلى للتقرب لنظام مبارك اتقاءً لشره وجبروته تارة، وبحثاً عن مغنم هنا أو هناك تارة أخرى.
وكان الفريق أحمد شفيق قابعاً فى منزله يبدد وقته بمشاهدة التليفزيون، وكان المشير طنطاوى يجلس فى مكتبه يتابع آخر التقارير العسكرية التى رفعها إليه مرؤوسوه، أما الرئيس مبارك نفسه فكان يجلس خلى البال فى شرفة قصر الرئاسة راضياً عن نفسه ومعتداً بذاته، وكان ابنه جمال يسخر من التقارير الواردة إليه، والتى تعلمه أن هناك دعوات منتشرة بين الشباب للخروج غداً الثلاثاء 25 يناير للمطالبة بإصلاحات! وكان جميع الوزراء فى حكومة الجنزورى الحالية غائبون تماماً عن التفكير الجاد فيما سيحدث غداً، فكل منهم يمارس حياته اليومية كالمعتاد.
فى حين كان حبيب العادلى، وزير الداخلية، يتابع فى ذلك اليوم (24 يناير) آخر تقارير أجهزته الأمنية، ثم غمغم بعبارات مكررة حين اطمأن أن كافة الأمور تحت السيطرة، وهو يبتسم فى وجه لواءاته الملتفين حوله، ونهض عائداً إلى منزله بعد أن أطلق أمامهم نكتة بذيئة أضحكتهم جميعاً!
بينما كان شباب مصر العظيم ينظم نفسه ويشحن روحه للخروج غداً (25 يناير) للتنديد باستبداد النظام وبطش الشرطة.. أجل أشعل شبابنا قناديل الثورة واستشهد منه أكثر من ألف إنسان، وأصيب نحو ستة آلاف من خيرة أبناء هذا البلد، لكن السلطة السياسية خطفها أناس لم يكن لهم أى دور فى الثورة، فإذا استثنينا المجلس العسكرى الذى وقف بالمرصاد ضد استكمال الثورة، فإن الجنزورى صار رئيساً للوزراء، وإخوان محمد بديع استولوا على البرلمان، ولعاب أحمد شفيق يتلمظ على كرسى الرئاسة، ومبارك وابنه ووزير داخليته فى السجن المرفه. فى حين أن شباب الثورة ورجالها الشرفاء أزيحوا من المشهد، بعد أن تعرضوا لحملات تشويه بائسة، فضلاً عن القتل والمحاكمات العسكرية التى طالت الآلاف.
نعم.. لم تنته الثورة بعد، ولم تؤتِ أكلها، لكن الأمل ما زال يشع فى النفوس، خاصة بعد أن احتشد مئات الآلاف فى ميدان التحرير يوم الجمعة 27 يناير، وكذلك ثلاثاء الإصرار 31 يناير للمطالبة بتقليص الفترة الانتقالية ونقل السلطة إلى المدنيين. لقد أربكت الحشود الغفيرة التى احتضنها ميدان التحرير مؤخراً أصحاب السلطان، وزلزلت هتافاتهم عروش العسكر، وفضحت التيارات السياسية الانتهازية، ومع ذلك علينا أن نتنبه جيداً أنه لا أحد يتنازل عن السلطة طواعية، ولا أحد يضحى بامتيازاته ونفوذه وهيلمانه عن طيب خاطر، ولم يعرف التاريخ أناساً هجروا المناصب الكبرى لأنهم وعدوا شعوبهم بذلك، فالسلطة السياسية التى توظف لصالح الفقراء والبسطاء من عمال وفلاحين وموظفين صغار وعاطلين ومهمشين إلى آخره.. أقول هذه السلطة لا تأتى إلى أصحابها الحقيقيين على طبق من ذهب، بل تنتزع انتزاعاً من الذين خطفوها، ومادمنا ذقنا لذة الخسارة، فلا خوف على الثورة ولا تثريب على الثوار.
وكل ثورة وأنت طيب عزيزى القارئ.
عدد الردود 0
بواسطة:
ahmed
و أنت كنت فين ؟؟؟
عدد الردود 0
بواسطة:
عطارة صحة وعافية
نسيت حاجة واحدة يابيه ...!
عدد الردود 0
بواسطة:
د محمد عبدالقادر حامد
اتقوا الله فيما تكتبون
عدد الردود 0
بواسطة:
عبد الرحمن
انا اقولك كنا فين
عدد الردود 0
بواسطة:
محمد السيد
والثوار كانوا...
عدد الردود 0
بواسطة:
السيدعلى
الحقيقة الغائبة
عدد الردود 0
بواسطة:
عبدالمعز
وحضرتك كنت فبن
عدد الردود 0
بواسطة:
وليد المصرى
ونعما الديمراطية
عدد الردود 0
بواسطة:
وليد المصرى
سلملى على اهداف الثورة
عدد الردود 0
بواسطة:
سلمى
نصف مجلس شورى الاخوان كان بسجن الوادى الجديد قبل الثورة بثلاث ايام