نقل مبارك لـ«طرة» وتواطؤ «الداخلية»

كشفت لجنة الصحة بالبرلمان فى تقريرها الذى أُعد مؤخرا، عن إمكانية نقل الطاغية مبارك لسجن طرة، كثيرا من المفاجآت التى تؤكد لنا أن التغيير لم يصل حتى الآن لكثير من قطاعات الدولة، وأن هناك أيادى مشبوهة تسعى بكل قوة، لحماية الطاغية المخلوع، وفى سبيل ذلك تكلفت ميزانية الدولة، التى هى فى أمسّ الحاجة لكل مليم فى ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التى يعيشها الوطن -ملايين الجنيهات فى نقل مبارك من محبسه بالإسعاف الطائر، ونفقات إقامته فى المركز الطبى العالمى.

إن نواب لجنة الشؤون الصحية بمجلس الشعب التى زارت منطقة سجون طرة مؤخرا، أكدوا أن مستشفى ليمان طرة على مستوى جيد من التجهيزات الطبية فى شتى التخصصات، كما تتوفر به الكفاءات والكوادر البشرية لعلاج شتى الحالات، وأن غرفة العناية المركزة للمستشفى صالحة وتعمل بكفاءة عالية، وأن تجهيزات مستشفى مزرعة طرة من السهل الانتهاء منها خلال أسبوع، كما فاجأنا التقرير بتأكيده أن مبارك كان من الممكن نقله لمستشفى السجن منذ بداية القضية، لو كانت هناك نية لذلك.

ومن الأمور الخطيرة التى كشفها التقرير أن هناك تقريرا للطب الشرعى صدر بتاريخ 23 /4 /2011 أفاد بجاهزية مستشفى طرة لاستقبال حالات العناية الحرجة، وطالب التقرير فقط بتوفير الأدوية اللازمة للعلاج والطوارئ، وذلك يؤكد لنا أن هناك تواطؤا واضحا من وزير الداخلية السابق اللواء العيسوى، من أجل عدم نقل مبارك لمكانه الطبيعى.

ولا ينكر أحد أن تاريخ السجون المصرية لم يكن فيه معاملة لمتهم، مثل المعاملة الخاصة التى يتعامل بها مبارك، منذ بداية محاكمته، بل كلنا نعرف كيف تعاملت مصلحة السجون مع المساجين السياسيين الذين ذاقوا الأمرين، بل رأيت بعينى الطريقة البشعة مع المرضى فى السجون، فقد قدر لى فى عام 2005 أن أسجن مع أحد المساجين السياسيين الذى يعانى من الربو وأصيب بأزمة ربوية فى منتصف الليل، وبالرغم من استغاثتنا بمسؤولى السجن لإنقاذه، لكنهم رفضوا خروجه لمستشفى السجن، وتركوا الرجل بين الحياة والموت حتى ظهيرة اليوم التالى، وعندما خرج للمستشفى كان مكبلا بكلبشات حديدية يملؤها الصدأ.

لكننا نراهم الآن يدللون مبارك ورجاله، ولم نر واحدا منهم فى يده كلبش، بالرغم من عظم جريمتهم.