"ودعناه وحمدنا ظله حين توارى.. دون رجعة".. هكذا احتفلت الشاعرة العراقية الراحلة "نازك الملائكة" بوداع أحد الأعوام الكئيبة الذى يشبه 2012، والله سبحانه وتعالى قادر على أن يجعل العام الجديد سعيدا على مصر والمصريين، وكئيبا على كل من يضمر الشر لهم أو يكيد لهم، فمصر وشعبها فى أمس الحاجة إلى الفرح والسعادة، واشتقنا كثيراً للضحكة الصافية والنكتة الجميلة وراحة البال، وارفعوا أيديكم بالدعاء أن يلم الله شملنا ويوحد كلمتنا ويحفظ بلدنا، فالخطر يتهددنا فى الداخل والخارج، والقلق يسكن النفوس والقلوب على الحاضر والمستقبل، وعلى الألسنة سؤال واحد: هل هذه هى مصر الآمنة المطمئنة التى عشنا فيها وعاشت فينا، أم أننا فى بلد آخر، تغيرت ملامحه وانقلبت صورته وصار غريبا عن أهله وناسه؟
2012.. ودعناه، دون رجعة.. فهو عام الأزمات الخانقة والدموع الساخنة والرؤُى الغامضة.. انفجرت فيه الأزمات من كل صنف ولون وفى مختلف الأماكن، الاقتصاد المنهك والبطالة المتزايدة والاستثمارات الهاربة والأسعار الجامحة، لم يشهد إضافة طوبة واحدة فى بناء الوطن ولكن الهدم المستمر.. عام بلون الدم ووصلت ذروة المأساة فى الاتحادية، يوم قتل المصرى أخيه المصرى، ووقف فوق الجثث مصرى آخر يصيح: "قتلاهم فى الجنة وقتلانا فى النار"، بدلا من أن يبكى دما ويقول: "القاتل والضحية يا محمد مصريين"، عام الرؤُى الغامضة والملتبسة وبدون خرطة ترسم الطريق إلى المستقبل، فلا خطة للنهوض الاقتصادى والعودة إلى العمل والإنتاج، بل بالضرائب ورفع الأسعار وزيادة أعباء الفقراء ومحدودى الدخل، ولا خيال لدى حكومة ضعيفة ومهتزة، صحيح أنها طيبة النوايا ولكن المشاكل المتفاقمة فوق طاقتها.
ودعناه، وارفعوا أيديكم بالدعاء أن تكون 2013 سنة أكثر حظاً لمصر والمصريين، رغم أنها رقم كبيس ونحس وشكلها غير عاطفى فى الكتابة والنطق والتذوق، لكن ربما "اللى تخاف منه مفيش أحسن منه"، وتبدأ أيامها بدعوة مخلصة وصافية وحقيقية من أجل المصالحة ولم الشمل، فلا يمكن أن ينهض وطن شعبه متخاصم ومنقسم وممزق، ولا يستطيع أن يتصالح مع الماضى مع أبرياء الماضى ويعيد لحمتهم فى المجتمع، ولا يمكن أن ينام الناس مطمئنين وهناك من يوسّع دوائر الاشتباه السياسى والدينى، ويسرف فى استخدام معايير الوطنية والتخوين، والإسلام والكفر والجنة والنار.. كيف يأتى الاستقرار ويعم الهدوء فى ظل هذه الأوضاع المتردية، ونصف الشعب مُتحفز ضد نصف الشعب؟.
ربما تكون 2013 أكثر حظاً لأن 2012 كانت الأكثر سوءاً.. قد تعيد إحياء الأمل فى نفوس الشباب الذين ضحوا بأرواحهم ودمائهم من أجل "العيش والحرية والعدالة الاجتماعية"، عن طريق مشروع قومى كبير وعملاق يوفر لهم فرص عمل، ليشعروا أن هذا الوطن يحتضنهم ويحتويهم ويوفر لهم الحياة الكريمة، وبدون ذلك ستظل الميادين محتشدة بالمتظاهرين والمعتصمين والعنف، فاليأس هو الذى يقتل الأمل ويجعل الحياة أشبه بالعدم، ولن تعود مصر إلى مصر التى نعرفها إلا إذا فتحت أبواب الأمل والتفاؤل والحياة والمستقبل إلى شبابها، لينتشروا فى المصانع والمزارع وأماكن العمل والإنتاج، يشيدون مستقبل وطن يمتلكوه ولا يعيشوا غرباء فيه.
2013 لن تعطينا أكثر مما نستحق.. ولن تكون رحيمة معنا إلا إذا كنا رحماء مع أنفسنا، ولن تجزل لنا العطاء ونحن كسالى وننتظر هبة السماء، فالسماء لا تنظر إلى لحاكم وصوركم وأشكالكم، بل إلى قلوبكم وأعمالكم وعرقكم وجهدكم، ومصر تحتاج إلى العمل ليل نهر لتنهض من كبوتها وتوفر الحياة الكريمة لشعبها، فالناس لا يأكلون شعارات وهتافات وأناشيد ومظاهرات واعتصامات، وتعطيل العمل ليس هو الطريق الى زيادة الإنتاج.. وإذا شعر الناس بالعدالة فى العمل والأجر فلن تجد معتصماً أو محتجاً، فلا تجعلوه عام الغضب والسخط والتمرد إذا انفلت عيار الأسعار ومس لقمة عيش الكادحة، فليست هناك بطون ممتلئة يشدون عليها الأحزمة.
2013.. رغم أنه رقم كبيس ونحس، وشكله غير عاطفى فى الكتابة والسحنة والتذوق، إلا أننى أستبشر به خيراً، وأدعو الله أن يحفظ هذا البلد الآمن وشعبه الطيب.. فقد اشتقت كثيرا للعودة إلى مصر، رغم أننى أعيش فيها ولم أغادرها.. مصر الطيبة المتسامحة التى تحتوى جميع أبنائها فى حضنها، فيشعرون بالدفء والحب والحنان.. والله العظيم هذا كلام من القلب، فى عام جديد أتمنى أن يفتح لنا قلبه.
عدد الردود 0
بواسطة:
حين المصرى
الله يفتح عليك
عدد الردود 0
بواسطة:
ميس أميرة
انا متفائلة
عدد الردود 0
بواسطة:
ميس أميرة
ana motafa''ala