جمال أسعد

الكلام الساكت.. والحوار المفقود

الثلاثاء، 11 ديسمبر 2012 09:08 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
الحوار هو الإرادة السياسية التى تؤمن بإمكانية التواصل حول القضايا المختلف عليها ووصولها عن طريق إبداء وجهة النظر والسماع الجيد لوجهة النظر الأخرى دون تسفيه أو تخوين حتى يمكن التلاقى على أرضية مشتركة، ولكن عندما يتمترس كل طرف وراء رايه متصوراً أنه هو الوحيد الذى يمتلك الحقيقة المطلقة أما الآخر فلا يملك غير الادعاء ولا يجيد سوى الكذب ولا يقدر إلا على التزوير، هنا يصبح الكلام ساكتا، والحوار مفقوداً، مع العلم بأن الحوار مازال حتى الآن هو الطريق المتاح والأسلوب الأنجى للخروج من هذا المنزلق الخطر الذى تسرع إليه البلاد والعباد، فهل الحوار متاح الآن؟ بالرغم من أنى معارض بشدة للبيان الدستورى الذى يريدون به صناعة ديكتاتور على المقاس وحسب المواصفات، ورفضى الشديد لتكوين لجنة إعداد الدستور والأهم منتجها المسمى بمشروع الدستور حيث إنه يعمل على إقامة دولة الإخوان التى حازوها «بعد ثورة تسرق ولا يشعر بها أصحابها» والذين يريدون لها البقاء إلى الأبد وتحت زعم الحفاظ على الشريعة وحماية الإسلام من الكفرة والرافضين للإسلام، ولكنى سأحاول أن أدعى الموضوعية وأزعم الحياد، فأنا لست مع رحيل د. مرسى أو إسقاط النظام، لأن الظروف الموضوعية التى أسقطت مبارك غير موجودة ولا متاحة الآن، فغياب التنظيم الثورى وأجندته الثورية بعد يناير الشىء الذى فجر الفوضى وساعد على سرقة الثورة هى نفس المعطيات المعاشة الآن التى ستنتج مزيدا من الفوضى وعدم الاستقرار، ولذا فالحل المتاح هو ترسيخ القيم الديمقراطية لا الشكل الديمقراطى فقط حتى تستطيع الجماهير أن تفصل بين الغث والسمين وأن تعيد الثورة إلى أصحابها، وما يحدث فى الشارع الآن قد فاق التصور، فالشارع يسبق الجميع، الأحزاب والنخبة والسلطة، وعدم إسقاط د. مرسى يعنى أن السلطة دائماً مطالبة بأن تفعل الكثير وأن تتحمل الجميع، وأن تسعى هى للحوار الذى يصب فى مصلحتها عندما يحدث التوافق الوطنى خاصة فى ظل الظروف الاستثنائية بعد حالة الفوضى التى مازلنا نعيشها على كل المستويات فهل السلطة، أى مكتب الأرشاد وليس مرسى، يريد الحوار بالفعل؟ لا أعتقد تماماً، لأنه لا يمكن لجماعة تريد الحوار وفى نفس اللحظة التى يدير فيها د. مرسى مندوب الجماعة فى الرئاسة هذا الحوار ويعقد المرشد مؤتمراً صحفياً يصر فيه كما قال مرسى بأن هناك مؤامرة لخلع مرسى، متصوراً أن مطالب الشعب والمعارضة هى مؤامرة «وهو نفس أسلوب مبارك»، ثم يقول إننا نتابع الحوار وسيكون لنا رأى وكأن د. مرسى له رأى غير رأى الجماعة، ثم يؤكد د. بديع أنه متمسك بمسودة الدستور مع عدم تعديل أو تغيير أى مواد فيها «يا سبحان الله»، فلماذا الحوار إذن؟ إذا كانت المشكلة هى الدستور فالحوار على ماذا؟ وفى نفس التوقيت تعقد الأحزاب الإسلامية مؤتمرا آخر بقيادة الشاطر، بهدف فى الترويع والتهديد لكل القوى الوطنية بادعاء المؤامرة أيضاً، والتصريح بإمكانية الحشد ضد هؤلاء القلة التى لا تعبر عن الشعب الذى لا علاقة لهم به، حيث إن الإسلاميين هم الشعب، بل كما قال المرشد إنهم هم الحق، حيث إنهم يحكمون باسم الله، كما أصر الشاطر على عدم الموافقة على تأجيل ميعاد الاستفتاء ناهيك عن الإصرار على نفس الادعاءات التى تطلق على الثوار فهم بلطجية، فالميليشيات الإسلامية قد ضبطت فى الخيام الويسكى والمخدرات والواقى الذكرى والجبنة النستو، وذلك قبل عمليات القبض والتعذيب لمن تم أسرهم فى عملياتهم الجهادية حتى يعترفوا بأنهم فلول تابعون لمن يدعون الثورية، هل هذه الادعاءات تليق بكم؟ ألا تعلمون أن الشعب الآن لا يخضع لغير رؤيته ولا يخرج لغير مصلحته، فماذا فعلتم لهذا الشعب غير مزيد من الإحباط وتراكم المشاكل وضياع للأمل، كفى مكابرة وغرورا واستعلاء، فالجميع متدينون ولا معارضة للشريعة ولا حل غير الحوار بدون استعلاء، حتى تسلم مصر، فمصر ليست لكم وحدكم، بل هى ستظل لكل المصريين.








مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة