المستشار حسام الغريانى كان رئيس مجلس القضاء الأعلى، وهو منصب يتم شغله عن طريق الأقدمية، ولا علاقة لهذه الطريقة بقياس أى كفاءة أو تميز أو أفضلية عن الآخرين غير عدد سنوات الخدمة فى الموقع، فلم نسمع عن مواقف خاصة له ضد النظام الساقط، ولم نشاهد نضالاته مع جماعة استقلال القضاء، ولم نعرف ما هى انتماءاته الحزبية والأيديولوجية إلا عندما قامت جماعة الإخوان المسلمين بالعرض عليه أن يكون مرشحا لموقع رئيس الجمهورية عن جماعة الإخوان، عندها تعرفنا على هويته الإخوانية، حيث إنه لا يعقل أن تقوم الجماعة بترشيح من هو بعيد عنها فكرا وانتماء وتنظيما، ومن الواضح أن الغريانى كان قيادة إخوانية كبرى غير معلنة، وكادرا خطيرا غير مفعل، ولذا فقد تمت الاستعانة به فى هوجة الاستيلاء على الجمعية التأسيسية للدستور وأصبح رئيسا للجمعية بقرار إخوانى، وأيضا لهدف إخوانى، ولأهمية قيمته العلمية وقدرته السياسية ومكانته التنظيمية وتاريخه الطويل والعريض فى مجال حقوق الإنسان فكان قرار الجماعة بمكافأته بمنصب رئيس المجلس القومى لحقوق الإنسان لما له من تاريخ معروف فى هذا المجال، فى الوقت الذى لم نسمع فيه لمجلسه الحقوقى هذا لا حس ولا خبر على ضوء تلك الهجمة البربرية على حقوق الإنسان فى المجال السياسى والاقتصادى والاجتماعى الطائفى مثل حالة فتاة الضبعة القاصر، أما دوره فى اللجنة التأسيسية «الدستور» فقد كان دورا بارعا فى إدارة الحوار بطريقة القمع الديمقراطى والإرهاب الشورى، خاصة أنه يقوم بالدور المرسوم له فى إنجاز دستور على المقاس وحسب الطلب، لدرجة أنه قد رفض تلاوة استقالة الطيبى عضو لجنة الدستور المستقيلة لأسباب ذكرتها فى الاستقالة، إضافة لموقفه المتنعت من النيابة الإدارية فى الدستور، وأخيرا وليس آخر، فلما كان هناك موقف طبقى نخبوى فى اللجنة ضد الأغلبية الغالبة من الشعب وهم العمال والفلاحون بإلغاء نسبة الـ%50 المخصصة لهم فى المجالس النيابية، فقد ذهب وفد من العمال والفلاحين لرئيس اللجنة لمناقشة نسبة الـ50%، وهى أحد الحقوق التاريخية العظيمة التى حصل عليها العمال والفلاحون من ثورة يوليو، ومن الطبيعى أن يكون الحوار الطبيعى فى هذا الإطار هو مناقشة هذه النسبة وأهميتها للعمال والفلاحين من جانبهم وإمكانية تطبيقها فى الدستور الجديد من ناحيته هو، وما هو البديل لحفظ هذه الحقوق عند إلغائها، خاصة أن أوضاع هذه الطبقة لم يطرأ عليها أى تغيير للأحسن بل للأسوأ عما كان لحظة إقرار النسبة بمراحل عديدة، ولكن الأستاذ الغريانى لأنه لا يملك الحياد الواجب لموقعه فى اللجنة فقد أظهر ولاءه الإخوانى كراهيته العميقة لثورة يوليو وقال لا فض فوه «إن ثورة 23 يوليو هى أكبر عملية نصب تعرضت لها مصر، وإن قادتها خدعوا العمال والفلاحين بنسبة الـ%50 فى المجالس النيابية، فهل رئاسته للجنة تخول له فرض رأيه السياسى بالقهر والترهيب بانتمائه الأيديولوجى الإخوانى؟ وهل هذا تأكيد لدوره المرسوم تمشيا مع مقولة ما أدراك بالستينيات؟ وإذا كانت «يوليو» كذبة فى نظره وأمثاله فهى حقيقة ساطعة سطوع الشمس لشعب تحرر من التعبية الاقتصادية والاستعمارية وملك قراره، والعمال والفلاحون أصبحوا مواطنين ونوابا للشعب وأعضاء مجالس إدارة مشاركين فى الأرباح، والفقراء عولجوا وتعلموا بالمجان ووجدوا فرص عمل يشقون بها طريقهم فى الحياة، هذا أسلوب لا يليق ولا يصح، وانحياز مرفوض يؤكد عدم شرعية اللجنة الدستورية، ونحن فى انتظار صدق الإخوان وما سيقدمون للشعب وللعمال والفلاحين نتيجة لاستحواذهم وسيطرتهم على السلطة بعد توقف الثورة، ولكن الثورة مستمرة ولن تكون مصر أبدا لغير كل المصريين.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة