فى حاجة غلط

التسامح من أهم الصفات التى يتميز بها المجتمع المصرى، على مر تاريخه، وشعبنا دوما كان يرفض العنف بكل صوره، ويتصدى بكل قوة لمن يحاول أن يتلاعب بأمن المجتمع، ولعل ثورة 25 يناير، كانت أعظم مثال للثورات السلمية، وبالرغم من العنف الذى ارتكبه النظام السابق ضد المتظاهرين، وراح ضحيته المئات من شبابنا الأطهار، إلا أن ثورتنا استمرت سلمية حتى سقط النظام البائد الفاسد.

لكن للأسف على مدار العامين الماضيين ظهرت فى المجتمع المصرى مظاهر العنف، بشكل يجعلنا نستشعر بالخطر، فتارة نجد العنف ينتشر فى سلوكيات المواطنين العاديين، الذين أصبحوا يشتبكون مع بعضهم البعض على أتفه الأسباب، وذلك فى ظل اختفاء دور الحكماء وغياب صوت العقل، فنجد المعارك تشتعل بين العائلات خاصة فى القرى وبعض مدن المحافظات، والأحياء الشعبية بالقاهرة الكبرى بشكل يهدد أمن البسطاء، ولعل ما ذكرته بعض المراكز الاجتماعية المتخصصة عن ارتفاع نسبة العنف فى التعاملات بين الأفراد، خاصة فى قرى محافظات الصعيد، خير دليل على ذلك، وما شاهدته فى بلدتى ببا بمحافظة بنى سويف، من نشوب معارك بين عائلات استخدمت فيها كل أنواع الأسلحة، وراح ضحيتها العشرات من شباب البلدة، تحت مظلة العصبية البغيضة وبسبب بعض التصرفات الصبيانية لبعض الشباب، أشعرنى بأن على المثقفين دورا مهما، فى التصدى لهذه الظاهرة التى لو تمكنت من مجتمع، حولته لغابة يأكل فيها القوى الضعيف.

ولم تقف مظاهر العنف التى اجتاحت مصر عند ما تشهده القرى بالمحافظات، لكن للأسف وصلت هذه الآفة إلى العمل السياسى، فتحولت الخلافات السياسية إلى معارك شديدة الوطيس، نتج عنها عشرات الاشتباكات فى المظاهرات، والتى راح ضحيتها العشرات أيضا من شباب مصر، وأصبحت ردود الأفعال المترتبة على هذه الخلافات، بعيدة كل البعد عن روح التسامح وقبول الآخر، والمنافسة السياسية الشريفة، التى تسمح بتبادل الآراء والمرونة فى اتخاذ المواقف.

وأرى أن على المجتمع التحرك بكل سرعة، للقضاء على ظاهرة العنف بمختلف صوره، وعلينا أن نعود للطبيعة المصرية التى يغلب عليها التسامح، كما لابد من تفعيل القانون، وعدم التهاون مع أى مظهر من مظاهر البلطجة أو العنف، وعلى الأمن الذى أرى أنه بالفعل طرأ عليه تحسن، بأن يعود بكل قوة للشارع المصرى متحصنا بالالتزام بالقانون، فمصر أمانة فى أعناق الجميع، وعلينا أن نحافظ عليها.