أحمد بان

مجلس حكماء مصر

السبت، 27 أكتوبر 2012 11:09 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لأن مصر بلد عظيم، ضارب بعظمته فى أعماق التاريخ، ولأنهم يقولون عن مصر أم الدنيا، ولأن ثورة 25 يناير ذكرتنا بأن ذلك صحيح، فما زالنا نصدق أننا بلد فريد ومميز.

ولكن المطالع لأحوال الوطن اليوم، يجد أن هذه ليست مصر التى نتحدث عنها، فتحت ثورة يناير الباب واسعا لأحلامنا فى غد أفضل، كانت جمهورية ميدان التحرير، كاشفة عن حقيقة هذا الشعب، التى غابت لسنوات تحت مطارق الفقر والقهر، وأكدت حقه فى امتلاك مصيره.

تلكم الحالة الصوفية، لشعب متباين الاتجاهات والمشارب، تجمع من شتى أركان وزوايا الوطن، يعزف لحنا واحدا هو لحن الحرية أين غابت هذه الحالة، لتحل محلها حالة من الاستقطاب والمكايدة.

طالعت صورة على باب المحكمة الإدارية، لأحد المواطنين وهو يخرج لسانه شماتة وسخرية، فى أعقاب حكم المحكمة بإحالة الطعون حول الجمعية التأسيسية لكتابة الدستور إلى المحكمة الدستورية، تلكم الصورة التى تلخص المشهد السياسى الراهن، الذى غلبت عليه روح التربص والتشكك والتخوين والعداوة، بين شركاء الثورة المصرية الذين كانوا قبل أقل من عامين صفا واحدا فى ميادين التحرير، ينادون بصوت واحد من أجل إسقاط النظام الذى جثم على صدورنا جميعا لثلاثة عقود.

ماذا تغير؟ هل تعددت الأهداف؟ نعم لم يصبح الهدف ولا الطريق واحدا، ومثلما انتقلنا مبكرا من مربع الثورة إلى مربع السياسة، قبل أن نبنى رؤية متجانسة لما ينبغى عمله فى المرحلة الانتقالية، انتقلنا إلى أجواء المنافسة السياسية قبل أن نبنى نظاماً يضمن أن تكون المنافسة صحيحة، ولا تعيد النظام القديم للحياة بعناوين جديدة.

آلت الأمور لجماعة لديها مشروع سياسى يعبر عن قناعات أعضائها، والتى نجحت فى ظل نظام سياسى مشوه فى الوصول للحكم بعدما أوهمتنا بأن لديها مشروعا للنهضة، تبين فيما بعد أنه سراب، بعدما تواترت التصريحات من أصحاب المشروع ذاته بأنه مجرد أفكار قابلة للنقاش والحذف والتعديل، وشرعت الجماعة فى تمهيد الأرض لاستمرارها فى حكم الدولة المصرية لعقود ثلاثة، يعتقدون أنها من حقهم فقد سموا حزبهم الحرية والعدالة على حد قول أحدهم "لأننا حرمنا حريتنا لعقود ومن العدالة أن نحكم لثلاثة عقود مثلما حرمنا الحكم مثلها" وهذا طموح مشروع بالطبع، ما دام سيجرى وفق الدستور والقانون وفى ظل أجواء طبيعية للمنافسة، ولكن المزعج أن الجماعة فيما صنعته حتى الآن، تعطى مؤشرات مخيفة عن مستقبل مصر.

أما الدستور الذى كان ينبغى أن يكتب بالتوافق، احتالت لتكتبه بتلك الطريقة،التى استجلبت غضب ويأس قطاعات واسعة من الشعب.

أما إدارة الدولة فقد اختارت تشكيلا وزاريا هو الأعجب فى تاريخ مصر، فلا هم سياسون ممن يملكون رأيا ورؤية، أو من التكنوقراط الذين حققوا إنجازات لافتة فى تخصصاتهم.
وعلى طريقة الإخوان فى الحوار مع القوى السياسية، تدير الجماعة حوارا على طريقتها، فى محاولة تجميل صورتها وإظهارها بمظهر الفصيل الوطنى المسئول، فهى ترفع عقيرتها بالمشاركة بينما تمضى بثبات فى المغالبة وبلا رحمة.

كشفت معالجة الرئيس مرسى لقضية النائب العام، ومن قبلها إعادة مجلس الشعب ثم التراجع، عن غياب المستشارين الذين يتسمون بالحكمة، والخبرة، والوطنية، والانحياز للدولة، وليس الجماعة أو ذواتهم الشخصية.

كما كشفت أيضا حالة الاستقطاب الحادث فى الحياة السياسية، عن ضرورة إعادة هندستها انتصارا للدولة الوطنية واحترام القانون والدستور.

بيقين مصر بحاجة إلى مجلس حكماء، يكون هو بطانة الرئيس، ممن يدركون روح مصر ومكانتها وأهدافها العليا ويكونون بوصلة لمصر نحو مستقبل تنشده وتستحقه، ودون ذلك هو عبث بمستقبل الانتقال الديمقراطى، بل ووجود الدولة المصرية ذاته.









مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة