إذا كان الدستور لا يوضع بغير توافق مجتمعى يشمل كل المواطنين بغير تفرقة سياسية أو جغرفية أو ثقافية أو اقتصادية أو دينية، وذلك حتى يحقق ذلك الدستور روح المواطنة التى لا تفرق بين مصرى وآخر لأى سبب على أرض الواقع العملى قبل أن يحقق تلك المواطنة نصا نظريا، فأيضًا الدستور هو الوثيقة التى تعكس كل القيم والمبادئ والأهداف التى تحكم المرحلة الآتية بهدف تحقيقها وتطبيقها مستقبلا، وحتى تعديل هذا الدستور أو تغييره، وتم ذلك عن طريق منظومة التشريعات القانونية التى تضع هذه المبادئ والأهداف موضع التطبيق، وإذا كانت مبادئ ثورة يناير التى اجتمع عليها وحولها كل الشعب المصرى هى «عيش.. حرية.. كرامة.. عدالة اجتماعية»، نرى بكل وضوح أن هذه المبادئ تتمحور حول فكرة المشاركة الحقيقية لكل مواطن مصرى ليس فى ثروات هذا الوطن فحسب ولا فى عائده القومى فقط ولكن الأهم هو المشاركة فى اتخاذ القرار السياسى، وهذا يعنى حق المواطن فى الترشح وحق التصويت لأى موقع سياسى وفى أى انتخابات، وذلك حسب القانون الذى يشرع حسب النص الدستورى، فهل النصوص الدستورية تساعد على تلك المشاركة؟ وهل تعطى الحق كل المواطنين على الأقل حسب ما كان قبل ثورة يناير؟ وهنا فإننا قد وجدنا لجنة إعداد الدستور غير الشرعية وغير القانونية «حتى صدور حكم الإدارية العليا اليوم» قد طرحت ما يسمى بمسودة الدستور التى ثار حولها صراع من داخل لجنة الدستور ذاتها وبين لجنة الصياغة التى قيل بأنها تصنع ما تريد وتحذف ما ترى من نصوص دون الرجوع للجان الفرعية أو الالتزام بما اقترحت هذه اللجان ناهيك عن أن المسودة لا تشمل كل مواد الدستور المقترح، أما ما يسمى بالنقاش المجتمعى فهو لا ولن يحدث، حيث إن السيد المسيطر على اللجنة جميعها وهو رئيس لجنة الاقتراحات يعتمد حوارات سرية لا يتم الإعلان عنها لأحد، ولكن يتم إعدادها بحضور جماعة الإخوان فقط، خاصة فى جامعات مصر، وآخر هذه المؤتمرات السرية كانت الأسبوع الماضى فى جامعة أسيوط، أما قدرته على الحوار واستماعه للرأى الآخر فقل فى هذا ما شئت، وذلك بدليل تلك المعركة بينه وبين حافظ الميرازى فى برنامج توقيت القاهرة يوم الخميس الماضى، حيث يعتبر هذا الإخوانى أن مجلس الشورى ملكية خاصة له وللجماعة يدخلها من يريدون هم فقط، وهنا نريد أن نذكر ببعض المواد المقترحة التى تؤكد على اختطاف الثورة من أغلبية الشعب من الشقيانين والعرقانين من العمال والفلاحين لصالح تلك النخبة التى لا تجيد غير الكلام ولا تسعى لغير الإعلام والشهرة ولا علاقة لها بالشارع ولا الجماهير، فإلغاء نسبة الـ50٪ عمال وفلاحين تعنى التعالى على الجماهير والجهل بالعمل السياسى والتمثيل البرلمانى، ونسبة الـ50٪ وضعت فى ظروف كانت لا تسمح لهذه الفئات أن تمارس حقها فى المشاركة السياسية، حيث إن الظروف السياسية والاقتصادية كانت تحول دون ذلك، وهذا ما نرى أسوأ منه الآن وعلى كل المستويات، ولا صحة هنا لأنه يتم استغلال هذه النسبة لغير العمال والفلاحين، فهذه مشكلة التطبيق لا المبدأ، كما أن حرمانهم هو جريمة لأكثر من نصف المجتمع، ولا يمثل ولا يعبر عن مشاكل العمال والفلاحين غيرهم من الطبقات، فمصلحة العامل لا تتطابق مع مصلحة صاحب العمل ولا الأجير مع صاحب الأرض، فيعبر عن المشاكل من يكابدها، أما تحديد الترشح لمجلس الشيوخ بمؤهل عال فلا نعلم ما علاقة هذا بذاك؟ فهل الترشح مطلب وظيفى؟ أم هى مشاركة سياسية وتمثيل برلمانى له علاقة بالثقافة والوعى والموقف السياسى والقدرة على تمثيل الناخبين من نفس طبقة النائب؟ ومتى كانت المؤهلات الآن تؤهل الدراس لأى شىء؟ وكذا اشتراط التعيين بمدير عام، فهل الحاصل على دبلوم وحصل على مدير عام له الحق أم لا؟ العمال والفلاحين أصحاب مواقف سياسية أدوا برلمانيا أداء لم يصل إليه أصحاب المؤهلات العليا، لم تقم الثورة لكى تلغى حقوقا، ولكن لكى تزيد وتؤكد الحقوق والتغيير ثم لن نسمح بالعودة للوراء فالثورة مستمرة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة