قبل أن يبدأ موسم البرلمان الجديد وما سيحمله من مفاجآت وصراعات وسجالات، أدعوك عزيزى النائب الجديد إلى مشاهدة مسرحية «أهو ده اللى صار» على مسرح الهناجر بدار الأوبرا المصرية، وقد يحسب الجهال الذى لا يقيمون للفن وزنًا أننى أهذى أو أمزح بهذه الدعوة، ذلك لأنهم صم بكم عمى لا يعقلون، ولا يعرفون أن الفن هو خميرة الإنسانية الأولى، وصمام أمان المجتمعات المتحضرة، والقادر على تجديد رؤية الشعوب وتنقيح مساراتها وتهذيب خلقها، ووأد صراعاتها وتطهيرها من موبقاتها، وإظهار ما بالمجتمع من احتقانات وفتن وطرح الوسيلة الأجمل للتغلب عليها.
المسرحية التى كتبها المبدع محمد الرفاعى، وأخرجها المخرج القدير محسن حلمى، وقام ببطولتها الفنان القدير لطفى لبيب، والفنانة منى حسين، تتناول «بمنتهى البساطة» أحوال المواطن المصرى البسيط، عبر ثنائية الوطن المتجسد فى «مصراوية» زوجة المثقف المتجسد فى «هيثم»، والحدوتة تدور حول هذا الثنائى المتحاب فى قلب إحدى القرى المصرية، إذ يقرران أن يذهبا إلى ابنيهما فى القاهرة، وأثناء سفرهما يحترق بهما القطار، وينجوان من الموت بأعجوبة، ليكتشفا أنهما وقعا فريسة لوسائل الإعلام المأجورة والمسؤولين عشاق كاميرات الكذب، وأثناء بحثهما عن ابنهما يصادفان العديد من المآسى ويقابلان أصنافًا عديدة من المصريين المقهورين، فى استعراض تاريخى لأشكال الفساد المنتشر فى مصر فى قالب درامى سلس، ملىء بالسخرية المضحكة المؤلمة.
أجمل ما فى هذه الحالة المسرحية الرشيقة هو روح التآلف بين أعضائها، فلطفى لبيب الممثل القدير كان يقدم بجانب دوره فى المسرحية، نموذجًا مختلفًا للممثل النجم الذى «يُخَدِّم» على الشباب ويظهرهم فى أفضل صورهم، مساعدًا إياهم على التألق والاجتهاد، ومحتضنًا اجتهادهم بكل حب، فبجانب أحمد الحلوانى ومحمود الجابرى وهشام عطوة ظهر شباب الممثلين أمثال محمد طعيمة ورضا طلبة وهبة الإمام ومينا نادر، فى حالة فنية متكاملة ورصينة، أما الممثل الشاب «على قنديل» فكان مفاجأة العرض بكل المقاييس، وظهرت قدراته الكوميدية الكبيرة، حيث قام بدور «المجذوب» الذى فقد عقله مما رآه من مآسٍ، وتميز حضوره على المسرح بالتلقائية والعفوية، محافظًا على «الشعرة» الفاصلة بين المجذوب «المهرج» والمجذوب «المأساة» وفى نهاية المسرحية تتجمع الكوارث التى أحاطت بالمصريين، ما يكون دافعًا للقيام بالثورة، ثم يرصد المخرج بشكل سريع تناحر أطياف الشعب المصرى سياسيّا، ما بين الاستفتاء والدستور، خاتمًا مسرحيته بلحن سيد درويش «مصرنا وطنا» مذكرًا بأن مصر هى الباقية وأن التوافق هو الحل، وأن المشكلات الحقيقية من جهل وفقر ومرض وفساد هى الأولى بالتنافس من أجل «مصرنا».
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
محمد الجزيري
لطفى لبيب فين والبرلمان فين..
عدد الردود 0
بواسطة:
مصري
اعلان عن مسرحيه!!
عدد الردود 0
بواسطة:
يحيي رسلان
لا زلت تغرد خارج السرب
عدد الردود 0
بواسطة:
ســعيد متولـى
أعضـاء البرلمان عاشــوا الحـدث
عدد الردود 0
بواسطة:
جمال عبد الناصر
فكره حتي لتنميه الخيال