الأسبوع القادم سيكتمل العام الأول لثورة 25 يناير، فهل حققت الثورة مبادئها على أرض الواقع؟ بل هل تحققت الثورة فى الأساس؟ لأن الثورة كانت جماهيرية بتلك الهبة التلقائية التى شارك فيها الشعب كل الشعب بكل انتماءاته وأديانه وأعماره وبدون تنظيم أو قيادة، فلم تمتلك هذه الثورة سلطة ثورية تحقق بها مبادئها ولكن ما تحقق بالفعل هو سقوط مبارك بعد ثمانية عشر يومًا فى التحرير وكل ميادين التحرير، وقد فرض مبارك مع سقوطه تسليم السلطة للمجلس العسكرى فى مخالفة دستورية واضحة، فما كان غير موافقة الجماهير على ذلك وإعطاء المجلس السلطة الثورية عن طريق شعار «الشعب والجيش إيد واحدة»، وهنا قد أصبحت السلطة الثورية لا علاقة لها فى الأساس بالثورة، وبعد انسحاب الثوار من ميدان التحرير بعد سقوط مبارك وهذا الانسحاب كان الخطيئة الكبرى للثوار، فقد اعتلى المسرح الثورى ثلاث قوى، الثوار وميدان التحرير - الأحزاب والقوى السياسية - المجلس العسكرى، وقد استمرت روح الثورة بالتوحد والتوافق المصرى حتى 19 مارس يوم الاستفتاء الذى ساهم فى تفتيت وتشرذم القوى السياسية نتيجة لخطة طريق تهدف إلى إهداء الثورة لفريق سياسى معين وهو التيار الإسلامى، عن طريق الإصرار على أن تكون الانتخابات قبل الدستور حيث إن هذا التيار كان له تواجد فى الشارع ليس فى استغلاله لحالة التدين الموروث لدى كل المصريين فحسب ولكن كان له تلك الخريطة الاجتماعية فى تقديم المساعدات للمحتاجين باسم الدين والتى تحولت إلى خريطة انتخابية أيضًا باسم الدين، فى مقابل تيار ليبرالى يسارى قوامه الأحزاب والقوى القديمة والتى كانت قد استنفدت قدرتها على التواجد، والأحزاب الجديدة التى لم تجد الفرصة للتلاحم الجماهيرى مع القوى الثورية من شباب الثورة الذين ساروا وراء نداهة الإعلام فتفتت وضاعت قوتهم، وجميعهم قد انشغلوا بالظهور الإعلامى والتنظير السياسى ففقدوا المصداقية الجماهيرية التى لم تجد ما يحقق أمانيها ويحل مشاكلها غير الدين الذى قد أصبح وكيله المعتمد هو التيار الإسلامى، فكان مجلس الشعب من نصيب هذا التيار ولا عزاء للثورة، فى الوقت الذى كان التحرير فيه يمثل زخمًا ثوريّا يهتدى به كل ثوار العالم قد تحول من حالة التوحد إلى التشرذم ومن التوافق إلى الاختلاف فكل فصيل يدعو إلى مليونية لفرض مطالبه الخاصة على المجلس العسكرى، فى الوقت الذى تم فيه تشويه صورة التحرير وربطه بما يحدث من انفلات أمنى وغياب للأمان وتعثر فى الاقتصاد، ناهيك عن تلك المعاملة التى قد أسقطت الشرعية الثورية عن المجلس العسكرى والتى أسقطت عشرات القتلى فى مواقع ماسبيرو وحتى مجلس الوزراء الشىء الذى جعل الجميع يشعرون بإعادة إنتاج نظام مبارك مرة أخرى، فى الوقت الذى يحاول فيه المجلس العسكرى مجاملة جميع الأطراف فلم يرض أحدًا، بل تلك السياسة فى إدارة البلاد جعلته فاقدًا للقدرة على إدارة المرحلة الانتقالية، لأنه كان قد كلف حكومات بلا صلاحيات، ما جعلها مجرد سكرتارية للمجلس الأعلى، فتوقف مسار الثورة وتعطل تحقيق مبادئها، فكفر المواطن بها فلم يجد لا حرية ولا كرامة ولا عدالة اجتماعية.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة