ذهب الوزير إلى الحكيم ليسأله عن بعض الحكم التى ربما تفيده فى عمله الجديد كوزير، فابتسم الحكيم وظهرت تجاعيد الزمن على وجهه ونظر إليه، وبدأ يتحدث فى صوت خافت:
احلم بما هو مستطاع ولا تتحدث عنه إلا بعد أن يتحقق، فالوزراء يحاسبونهم عن أعمالهم التى تخدم الناس لا عن نواياهم، لا تستنسخ شخصية أخرى غير شخصيتك كاعتقاد منك بأن الوضع الحالى يتطلب ذلك، لا تفعل كل ما يطلب منك تحت ضغوط، فأنت أدرى ببواطن الأمور عمن يضغطون عليك، لا تحاسب موظفيك على أخطاء وجرائم لم تلمس أنت منها شيئا، لا تكن سلاح إقصاء لقلة تريد استغلالك للانتقام، لا تفرح بكل من يعظم ويهلل لك فأنت كنت معهم سنوات طويلة لم يمتدحوك فيها ولم يهللوا لك لسبب بسيط يكمن فى عدم توقعهم لك بهذا المنصب يوما، لا تنسلخ من جذورك والمعتقدات التى نشأت عليها لتواكب مفردات جديدة طرأت على المشهد السياسى، فوقتها فاعلم أنك خسرت الماضى والحاضر والمستقبل، لا تفرح بضعف أعوانك لأن ضعفهم سيصب عليك أنت وحدك فالأقوياء يجعلون منك قويا والضعفاء الجبناء يجعلون الهوان يتملك منك، لا تأمن من قام بتغيير جلده بغتة وتلون بألوان جديدة فهو بكل تأكيد سيتلون أكثر من مرة أخرى كالحرباء، لا تجعل من فرد أو اثنين أن يتملكا منك ويحجبانك عن الآخرين خاصة وإن كانا هذان الشخصان من إفرازات نظام ولّى، لا تصدق نفسك فى كل ما تقوله فأحيانا يكذب الفرد كذبته ويصدقها ويتعايش معها متناسيا أنها كذبة من الأساس، ارتد ما تحبه من ملابس شريطة أن تكون مناسبة وملائمة لوضعك الجديد كوزير حتى لا يستخف بك، فلكل مقام مقال، لا ترتبك حينما يسألونك عن حياتك الخاصة حتى لا تجعل أعدائك يعرفون نقطة ضعفك، واجه بكل فخر وحماس مادمت على صواب حتى لا تجعل من خشيت مواجهتهم يعرفون أنك جبان ومهزوز وإلا لا تخطئ من البداية مادمت تخشى المواجهات، يا وزير تذكر دائماً وأبدًا أصحاب الفضل عليك وانتق أفضل ما فيهم واعمل به فمن ليس له قدوة لا أمل فيه، اعلم أن المناصب تزول بينما المواقف والأعمال هى الباقية فإذا أردت أن تدخل التاريخ فاعمل وابنِ وابدع، ولا تلخص منصبك فى أمر ما بعينه، يا وزير إياك والعواطف عند اختيارك لأى شىء يخص عملك فالعواطف والأقارب والصداقات يسوقون الفرد إلى مزبلة التاريخ والأمثلة عديدة، احكم بالعدل وبما يمليه عليك ضميرك دون الالتفات لأى شىء يدور حولك، كل هذا وأكثر، احرص على عمله كى لا تكن وزير مآتة.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة