لم تشهد مصر محاكمة لرئيس أو حاكم منذ القرن السادس عشر، وهو ما دفع الكثيرين وأنا منهم لعدم تصديق أن المتهم محمد حسنى مبارك سوف يمثل أمام القضاء، كما يمثل أى مواطن مصرى يخضع لاتهام ما، بل ذهبت بنا نظرياتنا الخاصة إلى أن هناك ما يتم طبخه للحيلولة دون مثوله أمام قاضيه الطبيعى أو حتى محاكمته أصلا. ثم تخوفت من ذهابه للمحاكمة وضعيف الهيئة، مستكين السلوك ومنكسر العزيمة محمولا على كرسى أو سرير مما يستدر عطف جانب من مواطنى مصر الأكثر عاطفية كما هو معروف. وبالفعل ظهر المتهم محمولا على سريره وتم وضعه داخل القفص وأعتقد أنها كانت محاولته الأخيرة لاستدرار العطف أو لعل هيئة دفاعه وبعض مستشاريه هم من قدموا له هذه النصيحة، ولكن نسوا أنه رجل مملوء بالعجب، والذى هو أسوأ أمراض القلوب ظهر علينا بصبغة الشعر حالكة السواد، والتى لا تتفق مع سنوات عمره الـ84، ولا تتفق مع معاناته الصحية - التى لا يجب أن تترك له الوقت أو مساحة التفكير فى صبغة شيبته - أو ورطته السياسية، التى غرق فيها حتى أذنيه ثم إن كبره وصلفه ظهرا فى نبرة صوته وردوده على التهم المنسوبة إليه. بالقطع لم ولن تتأثر هيئة المحكمة الموقرة بكل ما سبق إذ إنها لا ترى سوى القانون والادعاء والدفوع، ولا هم لها سوى إرساء العدالة وإرضاء ملك الملوك. نفس الصبغة وضعتها الجماعة الإسلامية فيما اعتقد عندما صرح بعض قيادتها - مسؤول شورى الجماعة - شفاهة بأنهم ليسوا ضد المحاكمة العلنية، وإنما ضد بثها على شاشات التليفزيون!! فأين العلانية هنا؟. ويبدو أنهم بشكل ما على علاقة وطيدة بإحدى الدول العربية، التى رفعوا علمها فى ميدان التحرير، التى ترفض محاكمته أو علانية ظهوره، والسؤال هنا: ما حجم هذه العلاقة؟ هل نست الجماعة الإسلامية ما فعله بها مبارك ونظامه أم أن علاقتهم بتلك الدولة أنستهم التعذيب؟ يبدو أن الجماعة قررت إخفاء كل ما سبق تحت صبغة شعر من نفس النوع الذى يستخدمه المتهم!
يبقى لنا دور منظمات المجتمع المدنى، والتى لعبت دورا مهما للضغط سياسيا من أجل تسريع العرض أمام المحكمة إلا أنها نسيت دورها الحقيقى تجاه الوطن فتشرذمت سياسيا، وتنوعت أهدافها بين مقاعد البرلمان والحقائب السياسية أو حتى غرف المستشارين داخل الوزارات أو الهيئات الكبرى بل وبدأت فى الحرب الكلامية والسياسية تجاه بعضها البعض وهو عكس ما يجب أن يحدث.. فكان لزاما على القوى السياسية بعد جمعة الإسلام السياسى وبعد أن تم تضليلهم وخروجهم من الميدان محملين بخفى حنين أن تتم الدعوة لوحدة الصف السياسى وتوحيد الطلبات والجداول الزمنية اللازمة للمرحلة الانتقالية حتى يتم تسليم السلطة السياسية للمدنيين والخروج ببيان توافقى يتم توجيه للحاكم العسكرى/السياسى للبلاد (المجلس العسكرى) حتى الآن لم يحدث هذا الأمر، وكأن بعضهم قد حاول استخدام صبغة المتهم فسالت على عينيه.. ما هو مش أى حد يعرف يستخدم صبغة شعر سيادته.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة