أنا مؤمن بالمؤامرة، فالتاريخ يؤكد ذلك والهجرات الثلاث الجماعية، وأكثر من خمسين غزوة حربية، حسب جمال حمدان، ما هى غير مؤامرات دائمة على مصر لموقعها ولخصوصيتها، والمؤامراة التى أعنيها تنفذ عن طريق رصد المشاكل والتناقضات الموجودة والعمل على تنميتها وتكريسها واختراق المجتمع المصرى من خلال تلك المشاكل عن طريق العملاء فى الداخل والخارج، ولذلك نجد كل القوى الاستعمارية بكل أصنافها وبشتى مسمياتها وعلى مدار التاريخ، تعمل للسيطرة على مصر بشكل مباشر وغير مباشر، والعلاقة الأخيرة التى وصفت بالاستراتيجية بين نظام مبارك وبين أمريكا والصهيونية خير دليل، وعلى ذلك هل تسلم أمريكا وإسرائيل بفقد تلك العلاقة بعد ثورة يناير 2011؟ وتردد أوباما منذ بداية الثورة بين مؤيد لمبارك ولنظامه، وبين تأييده للثورة بعد التأكد من نجاحها، أليس دليلاً على تمسك أمريكا بمصر؟ ومن المعروف أن علاقات أمريكا مع أى دولة لا تعنى غير مصلحتها، ولا تهدف سوى للسيطرة فى شتى المجالات، مهما كانت الشعارات والمسميات التى تطلقها، وقد ظهر هذا عند احتلال العراق وأفغانستان، وما نتج عنهما بإعلان رايس بما يسمى بالفوضى الخلاقة وتفسير الهدم وإعادة البناء على الطريقة الأمريكية، وبالطبع فالهدم سهل، ولكن ما أصعب البناء! كما أن البناء إذا كان بيد أمريكا وعن طريقها، فماذا ستكون النتيجة؟ وإنجازات ثورة يناير غير سقوط مبارك هى إحياء الانتماء العربى وفتح المعابر لفترة، والمطالبة بقطع الغاز عن إسرائيل، وتدمير خط إمداد الغاز إليها أربع مرات، وهنا إجماع شعبى لقطع وإلغاء كامب ديفيد، ورفض الوزير المرشح للاتصالات لشراكته مع إسرائيل، هو مؤشر مزعج لهما، فهل ستترك أمريكا الثورة تسير فى طريق غير ما تريد؟ وهل تصمت فى مواجهة تهديد مصالحها فى الشرق الأوسط الذى أعادت تقسيمه مع الصهيونية على أسس طائفية وتريد المواصلة؟ فهل هناك علاقة بين ذلك وبين ما حدث منذ الجمعة الماضية من حالات تشرذم وتفكك وصراع وتشاجر بين القوى السياسية بشكل متصاعد لا علاقة له بالثورة ولا يساعد على إنجاحها؟ وماذا يعنى تعدد المظاهرات فى أكثر من ميدان والكل يسفه ويعارض رأى الكل؟ وما المقصود بالدخول فى صراع مع المجلس الأعلى وخروج مظاهرات من التحرير إلى العباسية؟ وما هدف تعدد المنصات بالتحرير حتى تحولت إلى مولد وصاحبه غائب؟ ومن وراء ذلك التشدد من قطاع من الشباب حول بعض المطالبة التى يجب أن تعلق، وأن يحدد لها سقف زمنى للتنفيذ وبعد ذلك المتابعة، وهذا غير الإصرار على استمرار الاعتصام فى مواجهة حكومة لا تدرى من أمرها شيئاً حتى الآن؟ وهل طلب عصام شرف من التحرير ترشيح أسماء الوزراء جعلهم يتصورون أنهم رؤوساء حكومة؟ وهل هناك محفز مشجع وراء تلك الحالة الاستكبارية المغرورة من بعض الشباب الذى يتحدث وكأنه هو الثورة وهو الوطن؟ ومن المستفيد من تصوير التحرير بديلاً للوطن ورواده بديلاً عن الشعب بما جعل هناك أساسا بالإقصاء للشعب، الشىء الذى جعل قطاعا كبيرا يرفض التحرير ويساير من يعملون ضد الثورة؟ والنخبة المبجلة هى مع من وتعمل لصالح من؟ لصالحها ومكاسبها فى ظل الادعاء والمزايدة والمراهنة للتحرير وللشباب ولتصعيد سقف المطالب، أم تعمل لصالح الثورة؟ وهل هناك علاقة بنجاح الثورة وبين السعى لعضوية مجلس قومى هنا وآخر هناك؟ وما هى حكاية الاجتماع مع شرف والجميع يدعى أنه شارك فى اختيار الوزراء، وهل هذا نوع من التعالى على الجماهير والثورة أم أنها حالة مرضية ربنا يشفى منها؟ هذه مجرد أسئلة بريئة، ولكن هل هناك علاقة بين كل ذلك وبين تصريحات السفيرة الأمريكية الجديدة التى أعلنت أن أمريكا موّلت منظمات حقوقية بمبلغ أربعين مليون دولار بهدف تحقيق الديمقراطية، والمبلغ لعدد ستمائة منظمة؟ وهل هناك علاقة بين ما يحدث وبين تصريحات بيت الحرية الأمريكى «وما هو دوره المعروف» الذى يطلب من أمريكا الوضوح فى تصريحاتها واتصالاتها الخارجية مع السلطات المصرية العسكرية والمدنية، بل يجب عليها بوصفها أهم راع لمصر أن تتحرك لمساعدة السلطات على استعادة مكانتها والحفاظ على التحول الديمقراطى، فى الوقت الذى يشترط فيه الكونجرس لاستمرار المساعدة لمصر أن تقدم مصر تطمينات بأن مصر تدمر كل الأنفاق بينها وبين غزة، ومنظمة حماس، والأهم ما هى حكاية اتهام المجلس الأعلى لمنظمة 6 أبريل بمحاولة الوقيعة بين الشعب والجيش؟ وهل هناك ما يثبت؟ وهل لهذا علاقة بالتمويل والتدريب الأمريكى؟ وما هو الهدف وما هو المقصود؟ الوضع خطير ويتطلب التوافق السريع بين كل الاتجاهات حتى لا تسقط الثورة من بين أيدينا، وحتى لا تحقق المؤامرات ما تريده، ومصر فوق الجميع.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة