حسناً فعل بعض الثوار فى التحرير عندما أنهوا حالة البلطجة بإغلاق مجمع التحرير، فالحقيقة أن هذا الاعتداء على مصالح الناس وعلى القانون أصبح هو الخطر الأكبر الذى يهدد البلاد، ويهدد نموها الديمقراطى. فمنذ عدة أيام نشرت جريدة اليوم السابع فى صفحتها الأولى تقريراً مخيفاً، فقد هدد بعض "الثوار" بإغلاق الكبارى ومترو الأنفاق والطرق الرئيسية. وهذا لا يختلف كثيراً عن إغلاق العديد من الطرق من قبل، وتعطيل القطارات، وإغلاق نفق أحمد حمدى الموصل إلى سيناء. وقطع طريق الكورنيش فى القاهرة والإسكندرية. فماذا يريد هؤلاء؟
بصراحة لا يمكننى تبرير التخريب المتعمد لمصالح الناس، مهما كان تعاطفى وتأييدى للمطالب العادلة المرفوعة من أسوان إلى الإسكندرية، ومهما تخفى هؤلاء بشعارات "ثورية"، ومهما صرخوا لابتزاز المجتمع بها. فهم فى الحقيقة ودون لف ودوران إنهم بلطجية يجب عقابهم بالقانون، وأظن أن علينا التخلى عن نفاقهم، ونعلن فى كل مكان أنهم خطر كبير على بلدنا. لكن لماذا تتساهل معهم الحكومة والمجلس العسكرى؟ لأن الحكومة والمجلس العسكرى ليس لديهما رؤية واضحة لحل المشاكل، ليس لديهم تصور سياسى، ويعملون بالانتقائية التى كانت أهم سمات النظام السابق. فتراهما ينتفضان حيناً ويقبضون على مواطنين لهم مطالب فئوية، مثل عمال شركة بتروجت، ويتم تحويلهم للقضاء العسكرى، ويدعون الصحفيين والإعلاميين إلى "قهوة التخويف" ولكن جرائم قطع الطرق وتعطيل مصالح الناس يتفرجون عليها. هل هذا تعبير عن ضعف؟ لا، ولكنى أظن أن الحكومة أيضاً تمارس البلطجة بطريقة أخرى، فعلى سبيل المثال قرار رئيس الوزراء دكتور عصام شرف بإقالة اللواءات والضباط المتهمين بقتل المتظاهرين، هى فى الحقيقة نوع من البلطجة، والسبب أنها لا تستند إلى قانون، ولا إلى حكم قضائى، ناهيك عن أنهم مجرد متهمين، والصحيح طبقاً للقانون والمنطق أن يتم وقفهم عن العمل، وليس نقلهم لمواقع إدارية كما فعل الوزير، مع الحفاظ على كامل امتيازاتهم، لحين فصل القضاء فى أمرهم. والحقيقة أيضاً أن مطالبة بعض "الثوار" بأن تأمر الحكومة الجهاز القضائى بالإسراع فى المحاكمات، هو نوع من البلطجة، لأنه اعتداء سافر على استقلالية القضاء.
الخلاصة أن الخطر الأكبر على البلد الآن ليس "عفاريت الفلول"، بل فى انتشار البلطجة، فقد طالت الجميع، وأظن أنه من المستحيل تحقيق أهداف الثورة النبيلة ببلطجة الحكومة أو من يعارضونها.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة