وصلتنى رسالة من مواطن مصرى يعيش فى صعيد مصر، وعلى وجه التحديد بمحافظة أسيوط بقرية بنى محمد التابعة لمركز أبنوب، ويريد أن يصل صوته إلى رئيس مصر القادم، وعندما قرأت الرسالة تأكدت أن الحكومات المتعاقبة فى النظام السياسى السابق لم يكن صعيد مصر يوماً فى حساباتها عند وضع الخطط الخمسية الواحدة تلو الأخرى، فوجدت الرسالة تحمل إرثاً ثقيلاً من الإهمال الشديد لكل جوانب الحياة فى محافظات الصعيد، فيذكر الرجل أن أهل القرية يعانون الحصول على رغيف الخبز، حيث تفتح الأفران أبوابها لمدة نصف ساعة فى اليوم الواحد، لبيع الخبز للجمهور، وغير مسموح أن تشترى بأكثر من جنيه واحد مهما بلغ عدد الأسرة، والسبب أن أصحاب المخابز يبيعون معظم حصتهم من الدقيق فى السوق السوداء.
أما عن مياه الشرب فالمصدر الرئيسى لأهالى القرية هو المياه الجوفية التى تقطع لساعات طويلة، ولكن هذه المشكلة تهون إذا عرفنا أن تلك المياه فى بعض الأماكن تختلط بمياه الصرف الصحى، وما يترتب على ذلك من أمراض تصيب أهل القرية، ويواكب ذلك ضعف الخدمات الصحية، حيث توجد مستشفى بالقرية تحولت إلى ما يسمى بمستشفى طب الأسرة غير قادرة على تقديم الخدمات الصحية الملاءمة لأهالى القرية التى يصل عدد سكانها أكثر من 60 ألف مواطن.
والزراعة هى مصدر الرزق الرئيسى لمواطنى القرية، ويعانى المزارع ارتفاع ثمن الأسمدة التى يعجز عن شرائها، مما يضطره إلى بيع أراضيه التى لا يستطيع الإنفاق عليها، فيبحث عن مصادر رزق أخرى للإنفاق على أسرته.
ومما يعقد الأمور لجوء كثير من أهالى القرية إلى البناء على الأراضى الزراعية، مما يقلل من مساحتها، بالإضافة إلى أن تلك القرية حبيسة لا يمكن أن تزداد فيها الرقعة الزراعية، وهنا يأتى بيت القصيد، حيث يقترح أهالى القرية تعبيد الطريق من ديروط إلى الفرافرة لينتقل إليها بعض أهالى القرية لزراعة أراضيها وحل مشكلة البطالة، وإيجاد حل لعدم القدرة على زيادة الرقعة الزراعية داخل القرية.
وفى نهاية الرسالة يتمنى مرسلها أن تصل إلى الرئيس القادم لمصر، لأن رسالته تجسد الكثير من المشكلات التى تعانيها محافظات الصعيد، ويأمل أن ينظر الرئيس القادم إلى الصعيد نظرة تعوضه عن سنين الإهمال التى عانى منها، وأن تكون خطط تنمية الصعيد على قمة أولوياته بعيداً عن الشعارات، لأن تلك التنمية خلال السنوات القادمة تساهم فى تقليل حجم الفقر والبطالة، ويمكن المواطن فى الصعيد من إيجاد ما يشغل وقته ويحقق أحلامه، فيساهم ذلك فى إبعاده عن العادة المقيتة وهى "الثأر" الذى غالباً ما يكون نتاجاً لحالة الفراغ التى يعيشها المواطن فى الصعيد وغياب الأحلام وندرة مجالات العمل التى تحقق طموحه.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة