هانى صلاح الدين

إسلام بحيرى والصعود على أكتاف الإخوان

السبت، 16 أبريل 2011 11:42 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
النقد لأى فصيل سياسى حق للجميع، لأن من طرح نفسه للرأى العام وساهم فى الحياة السياسية، فعليه أن يتحمل النقد ويستفيد من وجهات النظر المختلفة، فالرأى والرأى الآخر والحوار أقصر الطرق للتقارب بين مختلف الاتجاهات والأيديولوجيات، وبما أن الإخوان المسلمين فصيل وطنى إسلامى سياسى غير منزه عن الأخطاء وليس ناطقا عن الله، فمن حق أى شخص نقده بموضوعية.

ولكن ما يرفضه العقلاء أن يتحول النقد إلى وصلات "ردح"، بعيدة كل البعد عن الواقع، يتحول فيه الناقد إلى منتقم مروج لافتراءات لتضليل الرأى العام، وهذا ما قام به إسلام البحيرى، الذى تعود قلمه على الطعن فى كتب التراث، وخاصة صحيحى البخارى ومسلم، والذى قام على مدار الأعوام الثلاثة الماضية بالتعرض للإمام البخارى والتشكيك فى الروايات الصحيحة لكبار الصحابة، ومنهم الصحابى الجليل المحدث أبو هريرة ـ رضى الله عنه.

فقد استشعر هذا الكاتب أنه دخل دائرة الظل خاصة أنه اختفى أثناء الثورة، ولم نسمع له صوتا أو نرى له وجها وأرد أن يعود للضوء من جديد وأن يسطع نجمه فى الفضائيات، فلم يجد أمامه إلا سبيل التطاول على الإخوان وتاريخهم، ويروج لأحداث تتجافى مع الواقع، وتتناقض مع رؤى كل من احتك بالإخوان، فقد خرج علينا البحيرى بمقال طويل عريض تفنن فيه بالأكاذيب والمغالطات، محاولا أن يهيل التراب على تاريخ هذه الجماعة المناضلة التى ساهمت على مدار تاريخها بجهد وطنى شهد له المخالفون لها قبل أتباعها، فقد حاول فلتة عصره وزمانه أن يؤكد أن الإخوان كتب لهم البقاء على قيد الحياة السياسية، من خلال صفقات مشبوهة مع الأنظمة الثلاثة السابقة، مؤكدا المطاردة والتعقب للجماعة كانت متوافق عليها، وقال البحيرى "فالإخوان لا يعرفون ولا يمكنهم العمل فى الضوء بل هم لا يعرفون إلا العمل بليل فإذا ما سمح لهم بالعمل تحت الضوء شلت حركتهم وقضوا نحبهم".

وتناسى هذا الطاعن فى كل ما هو إسلامى أن الإخوان لعبوا دورا وطنيا ذكره لهم التاريخ، وشاركوا فى محاربة الاستعمار الإنجليزى، وقدموا من الشهداء فى القناة ما يشرف به أى فصيل وطنى، كما تناسى البحيرى أن الإخوان عندما أتيح لهم العمل العام فى عصر البنا انتشروا فى أنحاء الوطن وانخرط فى صفوفهم الملايين فى الأربعينيات، وكانت شعبهم ملتقيات شعبية، ولعبوا دورا بارزا فى جهاد اليهود الصهاينة بفلسطين، كما تناسى البحيرى أن الإخوان دفعوا فاتورة باهظة بسبب مواقفهم الجادة من فساد الحكام وديكتاتورياتهم، فتارة يقدمون الشهداء لحبال المشانق، بكل نفس راضية، وما الشهيد سيد قطب وعبد القادر عودة وكمال السنانيرى وغيرهم كثير، إلا نماذج مشرفة للثبات على الحق، وتارة نجد قياداتهم يقبعون فى السجون لعشرات السنين بمحاكمات عسكرية ظالمة، صادرت أموالهم الطاهرة من الفساد، النزيهة من استغلال النفوذ المعضدة لاقتصاد الوطن صابرين محتسبين لله ظلم الطغاة لهم.

وكعادته نجد البحيرى طاعنا فى جهله، فالرجل لم يعرف الإخوان ولا تاريخهم ولا أظن أنه قرأ كتابا عنهم، ورغم ذلك نجده يؤكد أن الإخوان يتظاهروا بأدبيات الديمقراطية والشورى، وبسبب جهله فلم يعلم أن الجماعة تمارس الشورى داخلها فى كل كبيرة وصغيرة، ويكفى أن كل قياداتها تأتى بالانتخاب حتى مسئولى الأشبال فى "الشٌعب الإخوانية" لابد أن ينتخب، ولعل تجربة انتخابات مجلس الشورى ومكتب الإرشاد فى ظل عصر الطاغية مبارك خير دليل على ممارسة الشورى داخل الجماعة، كما اثبت الإخوان لكل القوى السياسية والأحزاب من خلال التحالفات التى عقدت بينهم أنهم حريصون على وحدة الصف الوطنى وممارسة الشورى بكل معانيها.

كما وجدنا البحيرى يحاول أن يسرق دور الإخوان فى الثورة، مصورا أنهم يحاولون السطو على مكتسباتها، متناسيا دور شباب الإخوان فى هذه الثورة المباركة، الذين حرصوا كل الحرص على الانخراط فى النسيج الوطنى دون التميز، كما أنكر البحيرى ما اعترف به كل الثوار من حماية شباب الإخوان للثورة فى موقعة الجمل وتقديمهم عشرات الشهداء ولا أدرى أين كان هذا البحيرى فى الوقت الذى يتصدى فيه شباب الإخوان بصدورهم العارية لمجرمى الحزب الوطنى، فلم نسمع عن أنه شارك أو حتى ظهر فى ميدان التحرير لكنها لا تعمى الأبصار ولكنها تعمى القلوب التى فى الصدور.

كما وجدنا هذا البحيرى يتطاول على أبناء شعبنا، فقد قال "أما العامل الثانى الذى مثل البيئة الصالحة لنموهم فهو الجهل، جهل العامة من البسطاء وفطرتهم القريبة دوما من الدين وكان هؤلاء البسطاء والأتباع هو وقود الإخوان على مر العقود" مصورا أن من يناصر الإخوان وينتخبهم هم الجهلاء فقط، متناسيا أن من بين المؤيدين للإخوان صفوة المجتمع، من أساتذة جامعات وأطباء ومهندسين ومعلمين وإلا ما وصل الإخوان لقيادة النقابات المهنية، فالمفكر الإسلامى الكبير البحيرى الذى تعود على الطعن فى مصادر السنة، لم يكن لديه أى احترام لمبدأ الشورى الذى أقره الإسلام وحرية الاختيار، ودأب على وصف معارضى رأيه بالجهل، لأنه يشعر أنه علامة زمانه وجهبذ عصره.

ثم وجدنا البحيرى يحاول فى نهاية مقاله لعب دور مشبوه، من خلال الوقيعة بين الإخوان والقوى السياسية، محرضا الجميع على التصدى لهم من خلال تحريضهم بقوله "الديمقراطية لها تعريف خاص عند الإخوان فهى للاستعمال المنفرد كمرة أولى وأخيرة، فمن يعتقد أن الإخوان لو ركبوا على الكرسى سينزلون مرة أخرى وينصاعوا للصناديق فهو واهم، فساعتها سيعود التزوير من جديد ولكن هذه المرة ليس من أجل الحاكم الإله ولكن من التزوير من أجل الله سيكون حقا".. وبهده الكلمات المسمومة نجده يريد أن يفرق بين الإخوان والقوى السياسية، خاصة أنه صور الاستفتاء الأخير على أنه معركة، حاول الإخوان إثبات تفوقهم فيها على معارضيهم، متناسيا أن قواعد العمل السياسى تقوم على المنافسة الشريفة بين مختلف الأطراف وأن الحكم فى النهاية لصندوق الانتخابات، وذلك حتى تحدث فتنة، وهذا دأب متبنى الثورة المضادة، حيث يحرصون على إشعال نيران الخلافات بين الوطنين.

وفى النهاية أريد أن أنصح المفكر الكبير البحيرى أن يقرأ تاريخ الإخوان قبل أن يتورط فى الكتابة عنهم، وأن يعود لضميره وكفاه بثا للفتنة وتطاولا على السنة والجماعات العاملة لها، وإذا أراد أن يخرج لدائرة الضوء من جديد، فعليه أن يجد عملا صالحا يفيد الوطن وأمتنا به، وسنكون أول المصفقين له.

إسلام بحيرى يكتب : الإخوان فى العراء








مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة