تعرض الإخوان المسلمون على مدار الأسبوعين الماضيين لحملة هجوم شديدة الوطيس، استخدمت فيها كل الكتل السياسية الرافضة للتعديلات الدستورية، كل وسائل الضغط من أجل تراجع الإخوان عن موقفهم من الاستفتاء، مكيلين لهم اتهامات التخوين ولصق تهم التشدد والتعنت بهم، وقد سخرت الكتل اليسارية والعلمانية كل قدراتها الإعلامية قبل وبعد الانتخابات، للنيل من الإخوان والإساءة لهم.
وقامت برامج التوك شو عقب إعلان نتائج الاستفتاء، وعلى رأسها برنامج "القاهرة اليوم، والعاشرة مساء والحياة اليوم" وغيرها بتصوير الإخوان كالوحش الذى سيلتهم البلد، ووجدنا بعض مقدمى هذه البرامج وعلى رأسهم عمرو أديب، الذى تفنن فى كيل الاتهامات للإسلاميين كما حدث بالأمس، حيث حاول توصيف شباب الإخوان وتحركاتهم بالشارع المصرى بالمضللين للشعب، وطالب كل القوى السياسية بلغة تحريضية بالتصدى لهم، وتناسى عمرو مواقفه هو وأخوه عماد من النظام السابق، واعتبار مبارك خطاً أحمر لابد من المحافظة عليه لمصلحة الوطن.
بل وصلت فصول هذه الحملة إلى مطالبة بعض المنظمات الحقوقية والسياسية، المجلس العسكرى، بالتصدى لأى حزب يتبناه إسلاميون أو يقوم على مرجعية إسلامية، وكأنى أرى سيناريوهات الحزب الوطنى الإقصائية للإسلاميين تتكرر من جديد، ولكن هذه المرة على يد رفقاء الدرب من المعارضين للنظام البائد.
وهنا علينا أن نذكر الجميع بأن قواعد العمل السياسى تقوم على المنافسة الشريفة بين القوى السياسية، وأن من حق كل فصيل أن يمارس دوره فى إقناع الشارع المصرى بمنهاجه السياسى، من خلال الالتحام بالشعب وتوضيح رؤيتهم، كما أن من حق أى فصيل سياسى أن يتواجد ويمثل حسب تواجده فى الشارع، فالفيصل فى هذا الأمر رأى الشارع وصندوق الانتخابات، فالشعب من حقه أن يختار من يمثله بالنسبة التى يريدها فى المجالس البرلمانية والمحلية، وأيضاً من حق أى قوة سياسية أن تسعى للسلطة بشكل ديمقراطى حر، فمبدأ تداول السلطة متاح للجميع، وليس حكراً على أحد.
ونذكر أيضا بأن الإخوان مصريون حريصون كل الحرص على مصلحة الوطن، ولديهم استعداد لمزيد من التضحيات من أجل رفعة الوطن وتقدمه، وأنهم لم يكونوا يتبنون مذاهب أيدلوجية أو سياسية أخرى ثم تحولوا للمرجعية الإسلامية، لكنها مبادئهم التى بسببها زج بهم فى السجون والمعتقلات على مدار 80 عاما وليس الـ30 عاما الأخيرة فقط، بالرغم من اعتدالها ووسطيتها ورفضهم للعنف والتطرف والتشدد بكل إشكاله، ومن أجلها استشهد العشرات من شبابها، والكل يعلم عنهم أنهم ثابتون على هذه المبادئ، فلم التخوين لهم الآن.
لقد أثبت الإخوان للجميع من خلال مبادراتهم للحوار، والقائمة الموحدة فى الانتخابات، وحرصهم على التواصل مع رموز الكنيسة المصرية وفتح أفق الحوار معهم، أنهم لا يبغون الانفراد بالحياة السياسية، ويرفعون شعار المشاركة لا المغالبة، كما أن الإخوان فى انتخابات الاستفتاء لم يستخدموا الدين، كما تروج الكثير من الكتل اليسارية والعلمانية، ولكن حاول هؤلاء تحميل الإخوان، أخطاء الفصائل الإسلامية التى مارست لأول مرة العمل السياسى، وذلك من أجل تشويه صورة الإخوان أمام الرأى العام، ولابد أن نعلم جميعاً أن من صوتوا بنعم لم يتخذوا هذا الموقف من أجل عيون الإخوان أو التيارات السلفية، ولكن كثيرا منهم لديهم قناعات بأن البلد تحتاج للاستقرار، وأن تغيير الدستور قادم بنص هذه التعديلات، وعلينا أيضا أن نحترم الإرادة الشعبية وما انحازت إليه، فلسنا أوصياء على شعب أثبت للعالم نضجه السياسى، وقدرته على تحديد مواقفه المنحازة لمصلحة الوطن.
وعلينا جميعا الآن أن نلتزم بأخلاق ميدان التحرير، التى كانت علامة على الوحدة الوطنية ووحدة صف الثوار، والسبب الرئيسى فى نجاح ثورتنا المباركة، فواجبنا أن نُجمع لا نفرق، ونعتصم ولا نشتت صف الوطن، وعلينا أن نرتفع عن مصالحنا الأيدلوجية أو الفكرية، فمصلحة الوطن فوق الجميع.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة