إبراهيم ربيع

هل يفلت الطابور الخامس من فرز الثورة؟

الإثنين، 14 فبراير 2011 06:46 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
هناك حالة من الزخم والزحام الشديد فى رأس كل من له اهتمام حقيقى بالشأن العام بعد نجاح ثورة 25 يناير.. ولأن الفساد كان قد ضرب كل مجالات الحياة فى مصر وطال جميع المؤسسات والأفراد فان عملية "الفرز" التى صاحبت الثورة كانت على مستوى كثافة الأفكار وتزاحمها وأيضاً غموضها وترددها.. فأصبحنا أمام ثلاثة شرائح لا تذهب إلى ميدان التحرير، لكنها تتفاعل مع الثورة فى البيوت والمقاهى والشوارع وتمثل الكتلة الضخمة التى ظلت تحت الاختبار ومحاولات التأثير عليها لكى تؤثر فى الثورة قرباً أو بعداً منها، فأصبحت قوة ضخمة يراهن عليها الطرفان الرئيسيان فى صراع الإرادة بين استمرار الثورة وقمعها.

كانت هناك شريحة واضحة فى تأييدها المباشر للثورة وتلعب دوراً مهماً فى حمايتها من انقلاب الرأى العام عليها ومقاومة الشريحة الثانية التى رفضت الثورة أيضاً مباشرة، لأنها مثلت خطراً على مصالحها واستخدمت كل الوسائل المشروعة وغير المشروعة للقضاء عليها حتى لو استدعى الأمر إلى البلطجة ونشر الشائعات المسيئة للثوار، وأبرزها العمالة للأجانب ووجبات الكنتاكى وتوزيع العملات الأجنبية يومياً عليهم.

أما الشريحة الثالثة فكانت الأخطر على الإطلاق لأنها لم تظهر موقفها الخالص والنقى من الثورة بالتأييد أو المناهضة، إما لأنها لم تكن ضامنة لنجاحها ولم تشأ أن تحدد موقفاً واضحاً حتى لا تحسب على طرف دون الآخر وهى لا تعلم كيف ستكون النهاية.. وإما لأنها لا تؤمن أصلاً بالثورة ولها مصالح خفية مباشرة أو غير مباشرة ترى أن أى أوضاع جديدة سوف تضربها .. لكنها بحكم طبيعة عملها المتصلة بالرأى العام ثم بطبيعتها الشخصية الانتهازية الخبيثة تريد أن تنتظر على الشاطئ تراقب الأمواج لتركب فوق الكاسح منها دون أن يلمحها أحد وهى تراقب وتتلهف للانقضاض، فتبدو مخلصة لأى مشهد أخير ونهائى تستقر عنده الأمواج.

هؤلاء كانوا الطابور الخامس الذى هدد الثورة بالفعل ولم تستطع الثورة فرزهم بوضوح مثلما فعلت مع الشريحتين الأخيرتين.. وهم التهديد الحقيقى المستمر فى مرحلة جنى ثمار الثورة.. أوهم البذرة التى يمكن أن تنبت مرة أخرى لتبنى حدائق شيطان جديدة فى المجتمع ليعود الفساد بأرض أخرى ووجوه جديدة وأساليب مغايرة تستفيد من درس الثورة لتؤسس فسادا يقاوم الثورات.

كنت أعرف رموز هذه الشريحة وأشم رائحة كلماتهم وهم يتحدثون عن الثورة النبيلة التى يجب أن تتوقف فى منتصف الطريق.. فالثوار فى رأيهم نبلاء.

غيروا الأجواء ولا يجب عليهم أن ينتظروا تغيير التضاريس، لأن فى ذلك خطرا شديدا على مصر وهم الآن ينظرون ببلادة وخجل إلى سقوط نظريتهم بعد أن وصلت الثورة إلى نهاية الطريق.. وفى الوقت نفسه لا يخجلون من أن يقدموا الآن أنفسهم رعاة للثورة وفقهاء فى رسم خريطة مستقبلها.. ولو لم نفرز هؤلاء فى أقرب وقت لن يكتمل نجاح الثورة على المدى البعيد.. فهل هم قادرون على الإفلات من فرز الثورة؟!.. أنا لا أتمنى ذلك.








مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة