قبل أشهر قليلة أعلن المجلس العسكرى عن اعتذاره للشعب المصرى بعد الاحتكاكات التى وقعت من بعض أفراد الجيش تجاه المواطنين المعتصمين فى ميدان التحرير، وأعلن الجيش فى ذلك الوقت أن رصيده لدى الشعب يسمح بقبول الاعتذار والعفو عما حدث، بالفعل كان ولازال للجيش رصيد كبير وعظيم مع الشعب، فهو المؤسسة التى ينظر الشعب إليها دائما بعين الإجلال والإكبار، وينتظر منها الجميع أن تسمو فوق كل الصغار وتفى بالعهود التى قطعتها على نفسها.
ولكن رصيد المجلس العسكرى أو غيره لا يسمح بضرب المواطنين على القفا، كما حدث من بعض ضباط الجيش والشرطة فى مركز شرطة الكردى، فى مشهد كان المصريون يعتقدون أنه اختفى من الساحة المصرية، وأصبح من الماضى الآليم، ولكن الجميع تفاجأ أنه لازال موجودا، بل يمارس من قبل ضباط الجيش والشرطة معاً، بعد أن كان يمارس من قبل ضباط داخلية مبارك فقط وكأن الأمور تسير إلى الأسوأ.
نحن نعلم أن هؤلاء المضبوطين الذين ظهروا فى الفيديو مجرمين، ولكن يجب أن يعلم المجلس والشرطة أن هناك قانون يعاقب المجرمين، ولايوجد قانون يمنح ضباط الشرطة والجيش حق تأديب المواطنين والتعالى عليهم بهذا الشكل المهين الذى قامت الثورة من أجل التخلص منه والقضاء عليه.
بعد مرور نحو 8 أشهر على ثورة 25 يناير المجيدة بدأ رصيد المجلس العسكرى ينفد رويداً رويداً فى ظل إصراره على عدم الحسم فى كثير من القضايا وإنفاذ مبادئ وأهداف الثورة على أرض الواقع، والدفع بعجلة الانتاج نحو الأمام.
نحن نقدر جهود المجلس العسكرى فى الحفاظ على الأمن وحماية الثورة، ولكن لا نقبل منه أن يلوث أيادية فى ضرب المواطنين مهما كان السبب، لأن هناك قانون يعاقب الشخص المخطى الذى يتم ضبطه.
إن رصيد المجلس العسكرى لا يسمح، بعد أن تعهد بنقل السلطة إلى حكومة مدنية منتخبة خلال 6 أشهر، ولكن المدة انتهت ولازال المجلس غارق فى ترقيع وتفصيل بعض القوانين والإعلانات الدستورية الخفية، التى تزيد من عمره فى إدارة البلاد وكأن السلطة بدأت تداعب خياله وكرسى الرئاسة بدأ يلمع فى عينيه.
إن المجلس العسكرى أصبح مطالب بتعبئة رصيده من جديد من خلال اتخاذ قرارات فاعلة وسريعة، تضمن تلبية مطالب الشعب وتحقيق أهداف ومبادئ الثورة، فلا يمكن لعاقل أن يقبل بإعادة من أفسدو حياة المصريين السياسية والاقتصادية والتعليمية إلى مجلس الشعب، وليقوموا بتفصيل القوانين التى تحميهم وتضمن مصالحهم وتعفيهم من العدالة والمطالبة باستراد الأموال التى نهبوها على مدار 30 عاماً.
لقد وضع المجلس العسكرى نفسه على مسافة واحدة من الجميع بما فيهم الثورة، بل جعل الثورة طرف من بين الأطراف المتصارعة فى مصر الآن، ولم يجعلها الطرف الفاعل الذى يجُب كل ما دونه ويقضى على كل ما سبقه، فسمح للكثيرين من أنصار النظام البائد أن يستغلوا سلمية الثورة ويتسللوا للحياة السياسية من جديد، وبدأوا فى تحقيق مآرابهم، بل خصص لهم كوتة تضمن لهم العودة إلى البرلمان بدلاً من أن يفرض عليهم قانون الغدر.
إن عدم تحقيق أهداف الثورة واقتصارها على محاكمة مبارك وبعض رجاله دون تطهير الشرطة والقضاء والمحليات والسرعة فى تسليم البلاد إلى سلطة منتخبة مدنية جعل مصر تنزف فى كل مجالات وميادين العمل والانتاج، كما أدى التراخى فى إصدار القرارات إلى استمرار التظاهرات وغياب الأمن والأمان للكثير من المصريين.
إن المجلس العسكرى يجب أن يدرك أن مصر لن تتغير وتنتقل إلى المستقبل فى ظل الإصرار على ترك بقايا النظام البائد تعبث بالوطن وآمن المواطنين، فالجميع يدرك أن فى هذا العبث ضمانا لاستمرار بقايا العهد البائد، وبالرغم من ذلك لم يتم اتخاذ قرار حاسم وشامل ضد هؤلاء المنتفعين.
إن المجلس العسكرى مطالب بتعبئة رصيد كاف من خلال قرارات حاسمة وعاجلة وليس مبادئ دستورية خفية لا يعلم عنها أحد، أو الدخول فى مواجهة مع قوى الشعب وجس نبضه بالبدلة المدنية والجولات الميدانية فى شوارع القاهرة، يجب على المجلس العسكرى أن يترفع فوق كل الشبهات حتى لايتحول الرصيد الكبير من اليقين والثقة والحب والتقدير إلى شك وريبة.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة