رمضان العباسى

تهديدات القساوسة والفلول وصمت العسكر المريب

الجمعة، 14 أكتوبر 2011 10:56 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لم تشتعل النار فى مساء التاسع من أكتوبر فى منطقة ماسبيرو بوسط القاهرة فقط، بل اشتعلت فى قلوب المصريين جميعا وتجرع الجميع كأس الحزن والألم بعدما شاهدوا المدينة التى كانت تحتفل قبل أيام قليلة بانجازات أكتوبر المجيدة وثورة يناير العظيمة تتحول إلى مدينة مسكونة بأزمة طائفية لاتعرفها مصر من قبل.

فلم يهدف المخططون والمنفذون لهذه الجريمة إلى إحراق معدات الجيش المصرى وسقوط الشهداء من المتظاهرين والجيش فقط، بل كانوا يهدفون إلى إحراق ينابيع الأمل فى القلوب وقتل الأحلام المتوهجة فى نفوس المصرين.

لقد أرادت الأيدى التى خططت ونفذت لهذه الجريمة أن تنزع الأمل الذى نما وترعرع بعد الثورة وتزرع اليأس والفتنة بدلاً منه، كما كان يفعل النظام السابق حتى يتمسك الناس به خوفاً من المجهول الأليم.

كما أرادت هذه الأيدى الآثمة أن تحول مشاعل الخير والمحبة والسلام المتمثلة فى الصلبان التى كان يحملها المتظاهرون إلى أدوات للتخريب والتدمير. وأن تسكن رصاصات الجيش قلوب المصرين بدلاً من أن تسكن فى عقول الصهاينة وغيرهم من الحاقدين على مصر وشعبها والطامعين فى أرضها.

لقد نحجت الأيدى الخبيثة وأصحاب النفوس الضعيفة فى إشعال النار فى الوطن، فالرصاصات التى انطلقت فى تلك الليلة أصابت المصرين جميعا ولم ينزف الشهداء والمصابين فقط، بل نزف معهم كل الوطن، وبالرغم من هذا الجرح النازف إلا أن مصر قادرة على أن تلملم جراحها وتعود لعافيتها من جديد، ولكن ليس بسياسة المسكنات والإمساك بالعصا من المنتصف التى تتبعها الحكومة والمجلس العسكرى منذ سقوط النظام.

فقد أصبح المجلس العسكرى والحكومة يعيشان بأذن من طين والثانية من عجين كأنهم لا يرون ولا يسمعون ما يحدث ويقال فى المجتمع، فقبل عدة أيام من هذه الأحداث الأليمة هدد رؤساء 11 حزبا من أحزاب الفلول بحشد 15 مليون مواطن، واحتلال المحافظات وقطع خطوط القطارات وكابلات الكهرباء، كخطوة تصعيدية، بعد إعلان المجلس الأعلى للقوات المسلحة عزمه إصدار قانون العزل السياسى، لمنع فلول الحزب الوطنى المنحل من المشاركة السياسية لمدة عامين، وبالرغم من ذلك مر التهديد على الجميع مرور الكرام وكأن الحكومة والمجلس العسكرى لايدركان سياسة الفلول واساليبهم وحرصهم على تدمير البلاد والعباد.

ولم يكن هذا التهديد هو الوحيد الذى صدر قبل هذه الأحداث، بل أطلق أحد القساوسة تهديد من العيار الثقيل عندما قال "إذا لم يقدم محافظ اسوان إستقالتة خلال 48 ساعة هيموت موته شنيعة".

لم يكتف القس بذلك ولكن قدم تهديدا علنيا وواضحا للمشير حسين طنطاوى، عندما قال "المحافظ يقدم استقالته ويتقبض على الجناة والكنيسة تتبنى، والمشير فى إيده يعمل كده، ولو معملش كده هو عارف إيه اللى ممكن يحصل، والمحافظ كذاب وييجى يواجهنى وهاديله باللى فى رجلى". كل هذه القنابل العلنية وغيرها من تهديدات وتحركات الفلول التى تكاد أن تلتهم الوطن، والحكومة والمجلس العسكرى لم يحركا ساكنا تجاه أصحابها، وكأنهم لم يستشعروا خطورة الموقف ولم يعرفوا أن الكثيرين متربصين بمصر وشعبها ولا يريدون الخير لها.

إن إصرار الحكومة والمجلس العسكرى على تجاهل هذه التهديدات وإعتبار الأمر كأنه شىء عادى يؤكد أنهما لا يقرآن ما بين السطور ولا حتى السطور نفسها، فإما أنهما غير مدركين لحجم الخطر، وإما أنهم صامتون لحاجة فى نفوسهم، وإما أنهم يخشون مواجهة أصحاب هذه التصريحات وفى كل الحالات تدفع مصر وحدها الثمن.

لقد أدت سياسة المجلس العسكرى والحكومة إلى غياب سلطة الدولة وأصبحت أجهزة الدولة بلا فاعلية وتحولت الحكومة من سلطة قوية تدير البلاد وتقوم على مصالح العباد إلى "حيطة مايلة" الكل يحاصرها ويغلق الشوارع المؤدية إليها، وكأنها كائن غريب غير مرغوب فيه، وبدلاً من أن يتخذ المجلس العسكرى قرارا لوقف هذه الأزمات ووضع معالجات سريعة أصيب بالعدوى أصبحت وزارة الدفاع فى مرمى نيران الغضب والمظاهرات، فى ظل إصرار المجلس العسكرى على منح الشعب حقوقه قطرة قطرة، ولا يعطى القطرة إلا بعد تهديد ووعيد ومليونيات وكأننا لا نتحرك إلا بالعين الحمرة، حتى أصبحت كل القرارات التى تأخذها الحكومة والمجلس العسكرى نتيجة ردود أفعال، ومحاولة لإرضاء بعض التيارات، فهل يعقل أن تدار دولة بحجم مصر بسياسة رد الفعل، وكأنها خالية من العقول القادرة على الانتقال بها إلى المستقبل وانتشالها من براثن النظام البائد.








مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة