محيى الدين اللباد رحيل فنانٌ الحواس والذكريات

الأحد، 05 سبتمبر 2010 07:54 م
محيى الدين اللباد رحيل فنانٌ الحواس والذكريات الفنان التشكيلى محيى الدين اللبَّاد
كتب بلال رمضان

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
وحدهم العباقرة أولوا الألباب يتركون رسائلهم على الأبواب.. يوجزونها فى حروف من "نظر".. و"إن عشقنا فعذرنا أن فى وجهنا نظر".

رحل بالأمس عن عالمنا الفنان التشكيلى محيى الدين اللبَّاد، رحل كعادة العباقرة والمبدعين بعد صراع مع الحياة وآلامها.. تاركًا إرثه.. وسخريته.. وضحكاته للمبدعين والأطفال فوق أغلفة الكتب، رحيله كان ريشة تداعبها النسمات خطت فوق السطور "إن عشقنا فعذرنا أن فى وجهنا نظر".

ومحى الدين اللبَّاد، رسام مصرى، وفنان تشكيلى متخصص بالجرافيك، درس التصوير الزيتى فى كلية الفنون الجميلة بالقاهرة 1957- 1962، وعمل بالعديد من المؤسسات الصحفية حيث عمل رساماً للكاريكاتير أثناء دراسته للثانوية، ثم التحق رساماً بمجلة "روزاليوسف" و"صباح الخير" قبل أن ينهى دراسته الجامعية.

وعقب تخرجه عمل رساماً ومؤلفاً لكتب الأطفال فى "دار المعارف"، وفى مجلة "سندباد" التى أصدرتها الدار، وشارك فى تأسيس عدد من المجلات المتخصصة ودور النشر.

صدر له عدد من الكتب فى مصر والعالم العربي، ونالت أعماله العديد من الجوائز المحلية والعربية والدولية، ونشر بعضها مترجماً بعدة لغات أجنبية، كما قدم سلسلة من الكتب التى قام بتأليفها وتصميمها "المراهقون فوق سن الحادية عشر"، وأيضًا "الرسم والتلوين الزيتى"، و"كشكول الرسام" والذى حاز جائزة الأكتوجون الفرنسية، وصدرت منه طبعات باللغات الفرنسية والألمانية والهولندية، وهو عبارة عن بعض ذكريات بصرية من طفولة الرسام بوجهها إلى الكبار، وبعض اكتشافاته عندما كبر وصار رساماً محترفاً وصانعاً للكتب، يعود فيوجهها للصغار.

وعمل مديراً فنياً ومصمماً جرافيكياً للعديد من دور النشر؛ وصمم العديد من الصحف والمجلات العربية، والملصقات الثقافية، كما شارك كعضو لجنة تحكيم فى عدد من المسابقات المحلية والدولية.

وفى كتابه البديع "كشكول الرسم" قدم لنا محيى الدين اللباد شكلاً جديداً وجميلاً من الكتابة للأطفال والذى حكى فيه ذكرياته الشخصية مع الأشياء والأماكن التى علقت فى ذاكرته وحواسه بشكل أو بآخر، إما للونها وشكلها أو لصوتها وجرسها أو لرائحتها وملمسها أو لأنه أحبها لسبب لا يعرفه أو يعرفه ولا يذكره، إنه أشبه ما يكون بسيرة ذاتية من نوع خاص، سيرة ذاتية للحواس والذكريات والانطباعات، ومجموعة من الحكايات الصغيرة عن الأشياء الصغيرة التى أحببناها كلنا عندما كنا صغاراً، عن المواقف واللحظات العابرة التى أثرت علينا فى فترة من الفترات فى حياتنا وتركت فى نفوسنا أثراً جميلاً إما لأنها كانت فى بداية تعرفنا على الحياة بحواسنا الخمس أو لأن هذه الأشياء كانت جميلة فعلاً أو لأننا فى هذه السن الصغيرة كنا لا نعرف شكلاً آخر للأشياء سوى شكلها الجميل.

فتحدث فى كتابه عن تذكرات صورة قديمة من زمن بعيد عليها أشخاص يرتدون الجلباب والعمامة وبجوارها كارت قديم ذى طابع بريدى عليه صورة الملك فؤاد وتذكرة أتوبيس، وتذكرة صغيرة للمتاحف والآثار التاريخية المجيدة، وبالإضافة للأحلام والانطباعات الأولى وبدايات تفسير العالم من وجهة نظر الصغير وأوليات الأحداث، كأول مصروف شهرى كامل وأول دفتر للكتابة وقصة الحكايات الأولى ونشأتها وأول لمسة.

قال اللباد فى إحدى فقرات الكتاب ".. والرسام الشاطر هو الذى يستطيع أن يخلط كل هذه الذكريات والمعارف وعند ذلك تخرج من ريشته ذئاب حقيقية جميلة، بالرغم من أنها لا تشبه الصور الفوتوغرافية للذئب، ولا رسوم الذئب التى نراها فى الكتب المدرسية!"

أما من ناحية الأسلوب فإن أكثر ما يميز أسلوب اللباد هى هذه البساطة والوضوح والتوجه للقارئ والخطاب الودود وروح الأبوة أو روح المعلم التى لا تظهر بقوة ولكن حضورها واضح بلا شك ويتخذ أحياناً شكلا ً تعليمياً، وتأتى الكلمات والمفردات اللغوية بسيطة كذلك وواضحة والتى تحتاج إلى إيضاح يتم إيضاحها فى متن النص لا فى حواش أو فى مذيلات مما يجعل النص يتمتع بروح الألفة حيث يمتزج صعبه مع سهله وغريبه مع مألوفه وهى نفس الروح التى تميز هذه العلاقة بين المؤلف وقارئة المتخيل الذى يطلعه على كل شئ: أوقاته المبهجة وأوقاته الحزينة وتأتى رسوماته شاهدة على كل هذا، ويتداخل الرسم مع النص والنص مع الرسم فيصير الرسم نصاً والنص رسماً كما تتداخل الذكريات مع تقنيات العمل والسهل مع الصعب والمألوف مع الغريب.








مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة