إبراهيم ربيع

الرحمة حلوة ياجدعان!

الأربعاء، 15 سبتمبر 2010 08:03 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
استوقفنى رأى الكابتن الكبير طه إسماعيل عندما قال إن الجهاز الفنى للمنتخب يخطط لمونديال 2014، وإنه على الجهاز أن ينقل هذا لوسائل الإعلام لكى تراعى عند نقدها الهدف الأسمى الذى أصبح الآن أهم من كأس الأمم الأفريقية التى شبعنا منها حتى التخمة.

طبعًا نعرف أن مناسبة هذا الكلام هو التعادل الغريب مع سيراليون فى تصفيات كأس الأمم، والذى جاء أكثر غرابة من التعادل مع زامبيا فى تصفيات كأس العالم، لأن زامبيا على الأقل عندها كرة قدم معروفة منذ سنوات طويلة، بينما سيراليون لم نكن نعرف عنها شيئًا، حتى وصل الأمر إلى أن الجهاز الفنى لمنتخبنا كان جاهلاً بأى شىء يخص المنافس، ودخل المباراة كالرجل «الأحول» فى مسرحية «العالمة باشا» اللى جه يحط العصفورة فى القفص حطها فى الهواء لأنه أحول!

والمؤكد أن الكابتن طه يقصد طبعًا أن الجهاز الفنى يريد أن يبقى حتى 2014.. يعنى جهاز مزمن ونحن لا نرغب أن تتحول أحوالنا إلى حالة مزمنة حتى لو كانت ناجحة.. وبصرف النظر عن ذلك لا أتوقع أن يكون الجهاز الفنى قد وصل إلى هذه الوطنية المثالية المفرطة بحيث يفكر فى مستقبل مصر ولا يهمه مستقبله الشخصى.. فهذا ليس من ثقافة المصريين أبدًا، خاصة فى حاضرنا المؤلم، فمن النوادر أن ترى بعينك مواطنًا مصريًا يفكر فى مصر، وهو أصلاً مستغرق طول الوقت إما فى التفكير فى لقمة العيش المرة التى تبدو له أحيانًا مستحيلة، وإما فى التفكير فى تضخيم الثروة إذا كان ثريًا ودخول القفص الذهبى مع السلطة ليزداد ثراءً ونفوذًا وإفقارًا للفقراء.

يبدو أن الكابتن طه يقرأ علينا ما يجب أن يكون وليس ما هو كائن.. فهو يفكر من منظور أخلاقى ينبذ التعصب للذات، وطبعًا التعصب للأندية، وهى تهمة طالت الكابتن طه فى بعض آرائه، وأنا أرى أن الاستغراق فى تعصب الأندية عبث «وقلة قيمة»، وهى أحد أنواع التعبير عن الذاتية بما يثبت صحة كلامى فى أنه لا يوجد فى مصر، إلا ما ندر جداً من يفعل شيئاً لمستقبل بلده.. هذه خرافة لأننا تربينا على الذاتية خاصة فى السنوات الأخيرة، ودارت بنا ساقية الجشع والخوف من المستقبل، فنظمنا تلقائيا سباقات النهب والهبر.. كل ما تلاقى حتة من مصر خدها واجرى قبل ما ياخدها غيرك.. نحن نضيع مثلما كانت تضيع الأندلس، ولا أحد يعتبر ويفهم ويصرخ ويقول الحقونا.. بس حنقول لمين الحقونا.. هذه مشكلة كبيرة.. فإذا وقع خلاف بينى وبين جارى أو زميلى فى العمل أو حتى بلطجى فى الشارع فسوف أستغيث بالبوليس.. وإذا حدث سوء تفاهم مهنى فسوف أشكو لرئيسى أو نقابتى.. وإذا غضبت من زوجتى وطردتها فسيتدخل فاعلو الخير لتعود.. هناك صاحب وكبير يمكن اللجوء له عند الاختلاف، نستغيث به ونناديه «الحقونا».. لكن ونحن نرى المجمل العام لواقعنا فى كل شىء.. من فقر وجوع ومرض.. من ياترى نقول له الحقنا.. وكيف سيسمع نداءنا وهو يرانا فعلاً بأم عينه نفقر ونجوع ونمرض، لكنه مازال يحتفظ بابتسامته.. بمن يمكن أن نستغيث ونحن أصلاً «أانكتم صوتنا» وتم تأميم أدمغتنا وقطع ألسنتنا.. الناس تتخيل أن المعارضين الأشداء الذين يشتمون الحكومة والدولة متمردون شجعان على واقعهم، وهم فى الأصل أدوات لتزيين صورة حرية الرأى.. هى حرية الرأى الموجه الذى لها عناصر لتكتمل مثل المسرحية أو اللوحة الفنية أو الفيلم.. لابد من دراما فيها خير وشر.. الشر موجود فعلاً والخير عبارة عن شر معدل.. نظبط فيه «السيستم» ليبدو خيراً.. هناك صحفيون كبار مشهورون، قطعوا أعلى سقف من الهجوم والنقد ضد كبار القوم، ويراهم الناس أبطالاً قوميين، بينما هم صناعة الدولة، وهى أخطر صناعة..

وأنا أحب الجهاز الفنى للمنتخب، وأرى أنه كان شعبياً فى بداية عمله، ثم أصبح صناعة حكومية، وفى كل الأحوال هو أنجز وأسعدنا لكن ليس هذا مبرراً أبداً لأن يحتكر المنتخب حتى 2014.. الرحمة حلوة يا جدعان!








مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة