يعنى إيه صحفى مستقل؟
يعتقد بعض الزملاء أنه الصحفى صاحب الموقف المستقل عن النظام الحاكم، وهو ذات المعنى الذى أصبح شائعاً عن تعريف "المثقف المستقل" فهو الذى لا تربطه علاقة وظيفية أو سياسية بالحكومة ومؤسسات الدولة الثقافية وغير الثقافية.
فهل هذا تعريف صحيح للاستقلال؟
بالطبع لا.. لأن الاستقلال ـ فى تقديرى ـ ليس معناه الانفصال عن جهة ما، أى هجرها ورفضها، وفى ذات الوقت التماهى والامتزاج بمؤسسة وجماعة أخرى. فجوهر الاستقلال ليس فى الرفض المطلق، والموافقة المطلقة فى مكان آخر.
أقصد بشكل محدد أنه لا يمكن اعتبار أن كل من يرفض آراء النظام الحاكم طوال الوقت مستقلا، ولا حتى معارضاً، لأن معنى الرفض المطلق هو أن صاحبه عبد لموقف محدد بغض النظر عما يحدث على أرض الواقع، كما أنه من الصعب أن نحسبه معارضاً، لأن المعارضة ليست مهنة، ولكنها ـ مثل الاستقلال ـ تنطلق من موقف فكرى يتفاعل ـ سلباً وإيجاباً ـ مع ممارسات أى تيار.
وبالمثل فإن التأييد المطلق، لحزب معارض، أو للحزب الحاكم، لا يمكننا اعتباره موقفاً مستقلاً لأن صاحبه وببساطة قبل التماهى مع جماعة ما أى أصبح تابعا لها.
هذا المعنى يذكرنى بميثاق الشرف الصحفى الأمريكى، واللافت فيه تأكيده على أن الانتماء الحزبى يفسد نزاهة الصحفى.
لست مع تعبير إفساد نزاهة، ففيه قسوة غير مبررة، وأفضل تعبير حياد، ولكن بغض النظر عن ذلك فإنه فى الأغلب الأعم سيضطر الصحفى للدفاع عن ممارسات الحزب الذى ينتمى إليه وليس أفكاره.
من الممكن أن ينتمى الصحفى فكرياً إلى حزب ما، ولكن عليه فى تقديرى أن ينتقد ممارساته وممارسات غيره بناء حتى يكون مستقلا. وإن كان هذا صعب ولذلك فالأفضل فى تقديرى، أن يحافظ الصحفى على مسافة ما بينه وبين مختلف الأحزاب والتيارات والمؤسسات، بل والأفراد، مسافة تمكنه من الدفاع عن جوهر أفكاره بحرية، وتجعله ينتقد بحرية الممارسات التى تتعارض معها، سواء قام بها التيار الذى ينتمى إليه أو الذى يعارضه. ولكن هذا ثمنه باهظ فى بلدنا العزيز.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة