هانى صلاح الدين

حوار الحضارات والعنصرية الغربية

الأربعاء، 21 يوليو 2010 12:02 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
بين الحين والآخر تتعالى أصوات العلمانيين بالانفتاح على الغرب، لعلنا يصيبنا ما أصابهم من التقدم والرقى، ويطالبون بحوار الحضارات، لكن للأسف يحاولون من خلال هذه الدعوات تذويب أسسنا وقيمنا الثابتة، مطالبينا أن نأخذ ما لدى الغرب بمره وحلوه، وفى سبيل ذلك أخرجوا لنا العشرات من دعاة الفتنة، وألبسوهم ثياب المفكرين الإسلاميين، وخرجوا علينا بأفكار مسمومة طعنت فى أصول الدين وعلماء الأمة.

وتناسى هؤلاء أن الإسلام رسخ منذ ظهوره قواعد الحوار مع الآخر، وفتح أفق التبادل الحضارى بين الأمم المختلفة، ولذلك جاء القرآن بعشرات الآيات التى تحض المسلمين على التعارف والاختلاط بالأمم الأخرى، والاستفادة بمورثاتهم الحضارية النافعة والغير متضاربة مع هويتنا وثوابتنا.

وخير دليل على ذلك ما قام به الرسول الكريم من إرسال رسله لملوك الأرض فى عصره للتعريف برسالته، وأدار حواراً مع الآخر، كما وجدنا الخلفاء ينفتحون على الآخر ويستفيدون من أنظمتهم الإدارية، كما حدث فى عهد عمر بن الخطاب عندما استفاد بنظام الدواوين –ما يساوى الوزارات الآن– من الفرس، وهاهم علماء الأمة يدرسون سير فلاسفة اليونان ويستفيدون بحكمهم - فالحكمة ضالة المؤمن أنى وجدها فهو أولى بها – بل سمح المسلمون لأبناء الأمم الأخرى أن يتعلموا فى محافلهم العلمية ويتلقوا العلوم الطبيعية التى برع فيها المسلمون فى العصر العباسى، وكانت قرطبة ودمشق والقاهرة والقيروان منارات للعلم فى العالم، وتوافد أبناء الغرب ليتعلموا على أيدى المسلمين.

كل ذلك أدلة على أن الأمة فتحت ذراعيها لكل أبناء البشرية، وكان لديها كل الاستعداد للاستمرار فى الانفتاح على الغرب، لكن منذ مطلع منذ القرن الـ15، وبعد فشل الحروب الصليبية فى تحقيق أهدافها، ناصب الغرب الإسلام والمسلمين العداء، وخططوا للاستيلاء على الدول الاسلامية وتحطيم الخلافة الإسلامية، مستغلين حالة التشرذم التى أصابت الأمة، وبدأ الغرب بكل أطيافه يتعاونون مع الحركة الصهيونية العالمية من أجل الانقضاض على الأمة الإسلامية، وتقطيع أوصالها فى دويلات صغيرة، وإنهاء تكتلها الأكبر الممثل فى الخلافة الإسلامية، ولعبت حركة الاتحاد والترقى وكمال أتاتورك الذى كان دمية فى يد الصهاينة، دوراً بارزاً فى إنهاء أقوى اتحاد أممى شهده التاريخ، معلنين هجمتهم الاحتلالية للدول العربية والإسلامية فى أفريقيا وآسيا.

والآن بالرغم من راية الليبرالية التى يرفعها الغرب، وتشدقه بحقوق الإنسان وإطلاقه دعوات الحوار مع الآخر، نجده يريد حواراً بين أسياد وعبيد وتابع ومتبوع، لا حوار على قدم المساواة بين أنداد، وللأسف ينساق خلفهم مجموعة من المنبهرين بالغرب من العلمانيين العرب الذين أعصبوا أعينهم وساروا خلف الغرب، متناسين هويتهم وثوابت عقيدتهم، معلنين رضوخهم بكل استسلام لهم، وأصبحوا أبواق لكل دعوات الغرب، حتى لو كان ذلك يخالف منظومتنا القيمية.

لكن إذا أردنا حواراً جاداً مع الغرب، لابد أن تكون هناك أسس واضحة ترسخ كل مفاهيم المساواة والعدل بين الطرفين، وغداً أطرح أهم هذه الأسس إن شاء الله.








مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة