محمد منير

اعتراف

الأربعاء، 28 أبريل 2010 07:33 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
جريمة نكراء وجحود للجميل ارتكبتها فى حق أقرب الناس لى، مدفوعاً بشهواتى وغرائزى غير الطيبة.. فآثرت نفسى عن من هم يستحقون الإيثار وميزتها باستحواذى الأنانى على ما يميز الزمان ويسوده.

أتذكر نفسى منذ أسابيع قليلة وأنا أزامل سواد الليل والحيرة مضغوطاً بسؤال لعين كيف سأصارحها بالحقيقة؟ وهى قد وقفت معى كل هذه السنوات بحلوها القليل ومرها الكثير.. ولكن لأبد من إراحة ضميرى كى أتخلص من زمالة الليل وسهر الأرق اللعين.. أيقظتها من نومها وهممت أن أصارحها بجريمتى فى حقها، ولكنى عجزت فأعتذرت عن الكلام ورجعت لأرقى وسهرى.

فى الليلة الثانية قررت أن أتحلى بمزيد من الشجاعة، مستنداً على حجج قد تهدئ من نفسها، معتمداً على ميولها الدينية.. فما فعلته فى حقها قد يكون مزعجاً ولكنه لا يخالف الشرع.. وقبل إقدامى على الاعتراف تذكرت بناتى الثلاث وكيف يمكن لهذا الاعتراف أن يعصف باستقرار حياتهم الهادئة؟.. وكيف سأفسر الأمر للأقارب والأصدقاء؟.. كيف سأدارى نذالتى فى حقها؟ وهى شريكة همومى قبل فرحى، فتراجعت حاملاً همى ومرارى.

عزمت فى الليلة الثالثة أن أحسم الأمر مهما كان الثمن، فوقوع البلاء أفضل من انتظاره ولعيالى ولحياتى ولبيتى المستقر رب يحميهم ويسترهم، والأمر سيكون خيراً إن شاء الله، فهى دائماً قوية وخاضت معى الكثير من الأزمات والتقاطعات المؤلمة وحتماً ستتفهم موقفى، فلم أعد أتحمل خيانتى لها.. ليس لها فقط، فقد تجاوزت كل الخطوط الحمراء ولم أراعِ أزمة أبناء وطنى ولا محنتهم.. لم أراعِ قلة حيلتهم فى الحصول على ما سلبته بدون حق لضيق ذات يدهم وارتفاع تكلفته وسعره.. لم أراعِ عبثى وتدميرى للاقتصاد والدخل القومى.. ليس فقط على مستوى حياتى، بل على مستوى الوطن كله.

واعترفت لها .. ويا ليتنى ما اعترفت، فقد كان وقع الخبر عليها موجعاً مؤلماً أنهى كل تراث السلام والمحبة والاستقرار فى بيتنا الذى كان سعيداً، وانتهى بى اعترافى وحيداًَ منبوذاً من رفقاء وجيران وزملاء لم تشفع لى عندهم صداقة السنين.

لا أعلم هل كان الخطأ فى أننى اعترفت بجريمتى فى حقها راحة لضميرى، أم الخطأ فى الجريمة نفسها وانقيادى لشهواتى وغرائزى التى جعلتنى أسطو على الثلاجة وأخرج منها نصف كيلو اللحم الاحتياطى، المُخزن وراء كيس العيش لمواجهة غدر الزمان، والتهامه وحدى غير مبالٍ لا بأزمة أبناء وطنى ومحنتهم وعدم قدرتهم على معايشة اللحمة أو الاقتراب منها، ولا بعدم قدرتى على تعويض أسرتى ما سلبته منهم، لا فى المستقبل القريب أو البعيد.. فليغفر الله لى وسامحونى.








مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة