أودعت محكمة جنح مستأنف مدينة نصر حيثيات حكمها بحبس الطبيب المتسبب فى وفاة الفنانة سعاد نصر، سنة مع إيقاف التنفيذ، بعد أن ظلت الفنانة فى غيبوبة إجراء عملية شفط دهون أجريت لها فى أحد المستشفيات الخاصة.
المحكمة أكدت فى الحيثيات أن الواقعة قام الدليل عليها من تقارير اللجنة الثلاثية المشكلة من مصلحة الطب الشرعى المؤرخ فى 6 يناير 2009 والذى روى أن المتهم محمود غلاب طبيب التخدير تعامل مع حالة سعاد نصر فى مكان مشكوك فى إمكانياته ودون إجراء فحوصات وتحاليل طبية قبل التخدير مع عدم التدخل السريع لإيقاف العملية واتخاذ إجراءات إنعاشها، الأمر الذى أدى إلى دخول المخ فى أعراض نقص الأكسجين وهو ما انتهى بوفاتها، وتطمئن المحكمة إلى صحة إسناد التهمة قبل المتهم وثبوتها يقينا قبله، كما تطمئن لثبوت خطأ المتهم وذلك لموافقته على إجراء العملية فى مكان مشكوك فى إمكانياته وقدرته على إجراء عمليات جراحية مماثلة، وذلك لما للمتهم من خبرة فى مجاله تمكنه من اقتراح مكان آخر لإجراء العملية التى يمكن تأجيلها لعدم أهمية إجرائها فورا وبسرعة كما أنه لم يجر التحاليل والفحوصات قبل التخدير كتصرف بديهى للتأكد من خلو المريض من الحساسية ضد التخدير، ومن ثم تكتمل أركان الجريمة من خطأ أدى إلى النتيجة بوفاة المجنى عليها، وقيام الرابطة السببية بين الفعل والنتيجة الضارة وهى الوفاة، والأمر الذى تكتمل معه الركنى المادى والمعنوى للجريمة وفقا للقواعد العامة، مما تستلزم معه معاقبة المتهم عما اقترفه من إهمال فى أداء وظيفته التى من شأنها تخفيف آلام المريض وتخديره حتى لا يشعر بالألم عند إجراء العمليات إلا أن تقصير المتهم وعدم أتباعه للأصول المهنية المفروضة فى أداء عمله وإهماله أودت بحياة الفنانة الراحلة سعاد نصر، وحرمان الجماهير منها ومن عطائها الفنى ومن ثم كان لزاما على المحكمة، معاقبته بالعقوبة المنصوص عليها فى المادة 238 /1-2 من قانون العقوبات 304 فقرة 2 من قانون الإجرائات الجنائية، وقررت المحكمة تأييد الحكم المستأنف فيه والأسباب التى ساقتها محكمة أول درجة، إلا أن المحكمة رأت تعديل العقوبة المقضى بها للقدر المناسب وجعلها حسب سن المتهم ونظرا لكبر سنه، كما لم يثبت للمحكمة من السيرة الذاتية إهماله وتقصيره وسبق اتهامه فى قضايا مماثلة، فقد رأت المحكمة لما فى الحبس من اختلاطه بأرباب السوابق ويكفى ما لاقاه من إجراءات التحقيق والمحاكمة واعتقادا من المحكمة أنه لن يعود إلى مثل ما اقترفه مرة أخرى.
فضلا وهو الأهم حضور ورثة الفنانة عدا والدتها إلى المحكمة، وهم محمد عبد المنعم عبد الجليل، ونجليها فيروز وطارق أحمد عبد الوارث وأقروا بالتصالح بتوكيل خاص لمحامى قابل يسمح للصلح والتنازل فى 15 أكتوبر 2009، الأمر الذى ترى معه المحكمة إيقاف عقوبة الحبس عملا بنص المادتين 55 و56 من قانون العقوبات كما لفتت المحكمة نظر وزارة الصحة بعدم ترك المراكز الطبية التى أصبحت تنتشر كالنار فى الهشيم تحت مسمى التجميل والعلاج الطبيعى وشفط الدهون تملأ إعلاناتها الفضائيات والجرائد، تبيع للناس الوهم من إجراء جراحات وبيع أدوية وأعشاب ووصفات تخاطب العواطف دون أى وازع من ضمير أو رقيب أو حسيب، بل إن المحاكم تعج بقضايا ضحايا هذه المراكز والمستوصفات، وأهابت المحكمة أيضا بإحكام السيطرة على تلك المراكز الطبية لبيان الأجهزة المستخدمة بها والعاملين بها والقائمين عليها، وذلك حتى تحد من القضايا التى ترفع بسبب تلك الممارسات والتى ترتكب بعيدا عن أعين الرقابة فى سلسلة من الإهمال والتقصير الذى أبعد ما يكون من أصول وقواعد مهنة الطب ورسالته السامية والتى دفعت حياتها ثمنا لها الفنانة سعاد نصر.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة