الحقيقة أن حجة الأكثرية التى استند عليها الأستاذ ممدوح أحمد فؤاد حسن فى تعليقه على مقالة "سيدى الرئيس أنت المسئول الأول"، فى جوهره ظالم. لأنه لا يستند إلى تساوى الحقوق بين الناس، ولكنه يستند إلى توازن قوى بين أبناء الوطن الواحد. ولأن الأغلبية أصبحت أغلبية بالصدفة، والأقلية أصبحت أقلية بالصدفة، فهذا معناه أن منح الأغلبية مميزات لا يحصل عليها باقى الناس ليس من العدل، ثم ما ذنب المواطن الفلانى لحرمانه من حقوقه فى وطنه لمجرد أنه ولد فوجد نفسه من أقلية دينية أو عرقية؟
الأمر الثانى أن العلاقة بين الأديان لا يجب أن يكون فيها منتصر ومهزوم، ولا يجب أن يكون فيها أفضلية من جانب الدولة، لأن كل مواطن، وهذا أمر طبيعى، يرى أن دينه هو الأفضل على الإطلاق، ومن ثم إذا انحازت الدولة، وهى كيان اعتبارى لدين، فهذا معناه بالضرورة أنها تعادى أصحاب الأديان الأخرى الذين يؤمنون أن ما يعتقدونه هو الأفضل ليس لأهل بلدهم فقط، ولكن للعالم كله. ومن ثم يجب أن تخرج الدولة نفسها من هذا الصراع الذى لا يمكن حله بأى طريقه. ويصبح دورها هو حماية حقوق كل مواطنيها فى أن يعتنقوا ما يشاءون من أديان وعقائد. وفى هذه الحالة ننمى إمكانية التجاور والتعايش بين مختلف الأديان باحترام كامل.
إذن ما حقوق الأغلبية، أليست الديمقراطية تعنى الاحتكام للأغلبية؟
أعتقد أن الديمقراطية فى جوهرها ليست مفهوما عدديا، ولكنها حقوقا وواجبات متساوية لكل المواطنين. وللأغلبية أن تقرر ما تشاء، لكن بشرط ألا تنتهك حقوق فرد واحد فى مواطنة متساوية. ولذلك على سبيل المثال فالاستفتاء الذى تم فى سويسرا وكانت الأغلبية رافضة لبناء مآذن ضد حقوق الإنسان، فيه انتهاك من جانب الأغلبية لحقوق الأقلية. ولذلك يجب التصدى له بكل الطرق السلمية والقانونية.
لذلك يجب أن نسعى إلى قوانين مشتركة بين أبناء الوطن الواحد، لا تفرق ولا تميز بينهم، ولكن تقربهم من بعضهم البعض على أرضية المواطنة، أما التفرقة على أساس عددى أو دينى أو عرقى هى بداية الهلاك.
أتمنى من الله جل علاه أن ينجينا وينجى بلدنا منه.
موضوعات متعلقة:
سيدى الرئيس أنت المسئول الأول
دين الدولة
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة