الاحتجاج السلمى الديمقراطى حق لكل المصريين، لكن هل احتجاج المسيحيون المصريون داخل الكاتدرائية تقريبا بشكل دائم يمكن أن يحقق أهدافهم؟
لا أظن، بل ودعنى أقول إنه سيؤدى إلى مزيد من توسيع الهوة بين المسيحيين المصريين والمسلمين المصريين، وسيزيد بدون شك الاحتقان الطائفى، فمكان التعبير عن مطالب عادلة ينقلها من أرضية حقوق المواطنة المتساوية لنا جميعا إلى أرضية دينية، لن يكسب منها لا المسيحيين ولا المسلمين.. لكن سيكسب منها المتطرفين من الجانبين.
قبل الاستطراد لا بد من القول إننى اقدر تماما الجرح النازف لأهالى ضحايا مجزرة نجع حمادى (منهم أمين شرطة مسلم)، وأقدر مشاعر قطاعا كبيرا من المسيحيين الذين يعانون من ظلم استثنائى، لكن لا يجب أن يجرنا ذلك للطريق الخطأ.
هناك أسباب كثيرة وراء لجوء المسيحيين لمؤسستهم الدينية، منها انسداد الأفق السياسى فى البلد، بالحجر على حرية تأسيس الأحزاب، ناهيك عن ضعف الأحزاب القائمة، بما فيها الحزب الحاكم. أضف على ذلك شخصية البابا شنودة والذى أراد منذ بداية توليه كرسى البابوية أن يكون له دور سياسي.ووصلنا إلى أن الكنيسة تكاد تكون هى حزب المسيحيين.
والبابا مع كامل الاحترام له، هو رئيس المسيحيين، ولا يجب أن يكون. وتدريجيا تكاد تكون الكنيسة هى بديل ل مؤسسات الدولة المدنية، وهو انحراف خطير، بل وانتهاك لاستقامة الكنيسة الأرثوذكسية الذى حافظت عليه طويلا. فالمؤسسات الدينية وقادتها رؤساء روحيون، ليس لهم علاقة بالسياسة، وإذا حدث ذلك فهو خطيئة يجب أن نقاومها.
هذه الأسباب لا يجب الاستسلام لها بالسير فى تديين صراع طائفي، فالذين قدموا العزاء للأنبا كيرلس أسقف نجع حمادي، كان عليهم التوجه لأهالى الضحايا، فالرجل ليس رئيس المسيحيين فى نجع حمادي. فالصراع الطائفى فى جوهره سياسى، صراع بين أنصار دولة الحرية والمواطنة، وبين أنصار الدولة الدينية من الجانبين المسلم والمسيحى.
ثم أن طريق الحصول على الحقوق يمارسه المصريون(مسلمون ومسيحيون) منذ سنوات ليست بالقليلة، بالاحتجاج السلمى الديمقراطى فى أماكن عملهم، وأمام البرلمان ورئاسة الوزراء والوزراء وغيرها.. ويحققون كل يوم مكاسب فئوية ومكاسب ديمقراطية.
وأظن أن هذا هو الطريق الوحيد الذى يعيد الحقوق المنهوبة.. ويصون البلد من طوفان طائفى.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة