والدسم، يا عزيزى القارئ، بالنسبة لطائفة المربربين أمثالى هو الفائدة.. وهكذا بات واضحا أننى أقصد "برلمان منزوع الفائدة"، وتحديدا وتوضيحياً منزوع الفائدة بالنسبة للشعب الذى يمثله، وأقصد بوضوح أكثر تشكيلات البرلمان المصرى خلال ما يزيد عن أربعين عاماً مضت متوجة بالتشكيل المبشر لبرلمان 2010 فاقد الدسم ليس موضوعا فقط وإنما شكلا أيضاً.
مجلس النواب المصرى اختلف مع شريف باشا رئيس وزراء مصر عام 1882 حول طلب إنجلترا حرمان المجلس من حق تقرير الميزانية، وذلك فى إطار التدابير والإجراءات التى كانت تتخذها إنجلترا آنذاك تمهيدا لاحتلال مصر، ورغم الدور الوطنى لشريف باشا ورغم دوره الرئيسى فى نشأة الحياة البرلمانية فى مصر ورغم تصديه بشدة لكل محاولات التدخل الأجنبى فى مصر، إلا أن رؤيته فى حل هذه المشكلة كانت عدم تشدد المجلس فى مواجهة هذا الطلب حتى تزول الغمة ومنعاً للذرائع، وبصرف النظر عن مدى صحة وجهة نظرشريف أو عدم صحتها، إلا أن المجلس تمسك بحقه فى مناقشة الميزانية ولم تسطع سلطة الخديوى أو ضغوط الاحتلال أوقوة رئيس الوزراء مواجهة القوة النيابية واستقال شريف باشا.
فى عام 1976 اختلف بعض أعضاء مجلس الشعب المصرى مع أنور السادات حول اتفاقية السلام مع إسرائيل فقام السيد الرئيس بحل البرلمان.
فى عام 1941 وعند مناقشة مجلس النواب قانون نقابة الصحفيين تصدى النائب يوسف الجندى لمادة تضمنها القانون تحظر العمل السياسى على الصحفى قائلا: "كيف نحظر على نقابة الرأى والحريات ألا تهتم بالسياسة وكيف إذا تم فرض قيود على مهنتهم واعترضوا عليها نقول إنهم يمارسون السياسة" ونجحت جهود الجندى واستبعدت هذه المادة من القانون.
فى المجلس التاسع فى الحياة البرلمانية والمعروف بمجلس 2005 قاد أحمد عز حركة نواب الحكومة فى محاولة فرض قانون جديد يقيد حرية الصحافة وخاصة فى مواجهة الفساد بحجة حماية الحياة الخاصة للشخصيات العامة.
فى 24 فبراير 1945 قام شاب وطنى مصرى بإطلاق الرصاص على رئيس الوزراء آنذاك أحمد ماهر فى البهو الفرعونى بمقر البرلمان وقتله لمجرد أنه عرض على البرلمان مشروعا بدخول مصر الحرب العالمية الثانية كحليفة لإنجلترا.
فى 20 أبريل 2010 شهدت الجلسة المسائية لمجلس الشعب مطالبة ثلاثة من نواب الشعب الحكومة استخدام العنف وإطلاق الرصاص على المتظاهرين المطالبين بالديمقراطية، معتبرين أن المظاهرات خطر على مصر وأن المطالبين بالتغيير ينفذون أجندات خارجية، وقال النائب عن الحزب الوطنى نشأت القصاص خلال اجتماع فى البرلمان: «لو كان الأمر بيدى لاستجوبت وزير الداخلية بسبب لينه الشديد فى التعامل مع هؤلاء الخارجين على القانون.. اضربوهم بالنار واستعملوا الرصاص مع المتظاهرين الخارجين على القانون».
والحقيقة، يا عزيزى القارئ، أن الدسم لم يُنزع من الحياة البرلمانية المصرية بفعل الجهود الحكومية فقط وإنما كان أيضا وبشكل رئيسى من خلال مصفاة دقيقة اسمها أحزاب المعارضة المصرية.
لنا الله وإرادة الشعب فى الحياة.. ولهم برلمانهم.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة