فى الوقت الذى كان فيه الحزب الوطنى يحتفل بمجلس شعبه الجديد، ويتحدث قادة الحزب عن الأمجاد والانتصارات التى حققوها، وتواجد الحزب فى الشارع وقربه من الناس وتلبية مطالبهم وتحقيق احتياجاتهم وتقديم كل وسائل الرفاهية لهم، كان الناس فى خارج قاعة المجلس تئن تحت وطأة النوة الشتوية والعاصفة الجوية التى ضربت البلاد وكشفت الحكومة على حقيقتها بعدما غرقت الإسكندرية فى شبر مياه، وظل عمال مصنع محرم بك تحت الأنقاض عدة أيام، وكأن الدولة لا تملك الإمكانات وليس لديها أى أدوات للتدخل السريع لمواجهة الأزمات.
لم تكن أحداث محرم بك وحدها التى كشفت عورات الحكومة وهى تحتفل بنوابها ومجلسها الجديد، بينما شاركها العديد من المحافظات منها الغربية وسيناء والصعيد، الغريب فى الأمر أن أحد المحافظين قال فى برامج التوك شو إن الأشخاص الذين انهارت بيوتهم سوف يقيمون عند أهليهم لأنه من العيب أن يسكن الشخص الصعيدى فى مكان غريب، أعتقد أن العيب الحقيقى والعار فى عدم جاهزية الحكومة والتدخل السريع لإنقاذ البشر من أسفل الركام، وتوفير البديل لهم ومعاقبة المتسببين فى الحادث والمتخاذلين فى الإنقاذ، ومعرفة الأسباب التى أدت إلى تأخير عملية الإنقاذ.
الغريب فى الأمر، أن كل أعضاء مجلس الشعب الجديد لم يتحدثوا عن هذه الأزمات والعورات التى تشير إلى أن كل شىء فى مصر يسير بالبركة.
فهل نسى النواب وعودهم للشعب بأنهم سيكونون إلى جانبه ولن يتخلوا عن المواطنين فى أزماتهم، أم أن النواب تأكدوا أن نجاحهم لم يكن بأصوات الجماهير، وإنما بخطط الحزب الوطنى، فوجب عليهم الجلوس فى القاعة وتوجيه عبارات المديح لمن أتى بهم إليها، وتناول الشاورمة والجمبرى، وليذهب الناس إلى الجحيم فلم يعد النواب بحاجة إليهم، وإن احتاجوهم فإن ذلك بعد خمس سنوات، ولكل حادث حديث.
فى هذه الأوقات التى كانت الجهات الحكومية لا تبالى بما يحدث فى الإسكندرية وغيرها من محافظات مصر وأعضاء مجلس الشعب منهمكون فى التهام الشاورمة والجمبرى، خرجت 3 مركبات إطفاء على متنها 10 وحدات إنقاذ من أجل مساعدة امرأة انحشر أصبعها فى مقشرة البطاطس داخل أحد المتاجر ليس فى مصر بالطبع، فهذا أمر مستحيل حتى لو ذهبت أصابع الشعب إلى الجحيم، وإنما كان فى ألمانيا، حيث قالت قوات الإطفاء إن المرأة لم تتمكن من تخليص أصبعها من هذا الموقف بنفسها الأمر الذى استدعى طلب المساعدة.
وقالت قوات الإطفاء الألمانية إن الشخص الذى أبلغ عن الواقعة تحدث عن "ماكينة تقشير بطاطس"، مما أدى إلى صدور الأوامر بتحرك هذا العدد الكبير من مركبات الشرطة على وجه السرعة من أجل هذه المهمة للتمكن من إنقاذ أصبع المرأة.
كل هذا الحشود والفرق والسيارات والتدخل السريع من أجل أصبع امرأة انحشر فى مقشرة، أما حياة 36 شخصا فى مصر للأسف لم تساو أصبع امرأة فى ألمانيا لذلك خرج منهم 26 جثة هامدة و10 إلى المستشفى، فى حين خرج أصبع المرأة الالمانية بسلام، فمتى تساوى حياة الإنسان فى مصر إصبع امرأة فى ألمانيا؟
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة