طالب الأستاذ فريد زهران مدير مركز المحروسة المثقفين والسياسيين بالتعلم من الاحتجاجات العمالية التى تحقق مكاسب على الأرض، فى حين أن النخبة السياسية المعارضة دائما مطالبها مستحيلة التحقيق، ومن ثم فهى تتحرك فى ذات الدوائر المفرغة، ولا تقدم شيئا سوى نشر الإحباط واليأس.
المناسبة كانت ندوة بمكتبة البلد لمناقشة تقرير مركز التضامن العالمى عن أحوال العمال فى مصر، فالتقرير رغم بعض التحفظات عليه كما قال الأستاذ صلاح عيسى والأستاذ كمال أبو عيطة، إلا أنه فى كل الأحوال يثبت أن الاحتجاجات العمالية قادرة على تحقيق مكاسب على الأرض، سواء المتعلقة بالمكاسب الاقتصادية أو مكاسب حول الحق فى الاحتجاج السلمى والحق فى التنظيم.
هذا هو الدرس الهام الذى ركز عليه الأستاذ فريد، والذى أوافقه فيه الرأى تماما، فهناك مرض مستوطن فى النخبة السياسية المصرية المعارضة، وهو أنه بعد حشد وتعبئة الناس تضع أولويات مستحيلة التحقيق، لأنه ليس لديها القوى الاجتماعية القادرة على الضغط لتحقيق هذه المستحيلات، وبالتالى تكون النتيجة المنطقية هى نشرها للإحباط واليأس وعزلتها عن الحراك الاجتماعى والاقتصادى على أرض الواقع.
وتدريجيا يؤدى الانعزال إلى مزيد من الانعزال، ولا يصبح أمام المنعزلين سوى أمرين، الأول هو أن يرفعوا سقف المستحيلات، لأنهم يتصورون بذلك أن هذه هى الطريقة الوحيدة للفت الأنظار، وينتهى الأمر بلفت نظر الإعلام والفضائيات تعيش عليه "شويه" ثم تنساه.
الأمر الثانى الذى تؤدى إليه العزلة، هو أنه لا توجد طريقة للتميز بين تيارات وأفراد النخبة السياسية سوى المزايدات، والاتهامات بالتخوين، فإذا كان مثلا المطلب هو الضغط لتغيير وزير، وهذا أمر فى غاية الصعوبة كما نعرف ويحتاج إلى جهد جبار، تجد من يطالب بإقالة الرئيس، ويجر زملاءه الذين يخافون من اتهامهم بالخيانة والعمالة للحزب الوطني، وينتهى الأمر إلى لا شىء، سوى الضجيج.
لذلك أنا مع مطالبة النخبة السياسية المعارضة، كما قال الأستاذ فريد زهران، بأن تتوقف عن التعالى الاحتجاجات التى تحقق مكاسب على الأرض، وأطالبهم مثله بالتعلم منهم.
واذا لم يفعلوا سوف يذهبون إلى متاهة النسيان.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة