أكثر ما كان يغيظنى أثناء زيارتى لسوريا، هو الانتقاد العنيف للإدارة المصرية بحجة منعها المساعدات والسلاح عن غزة.. فى حين أن هؤلاء لم يتوقفوا للحظة ويسألوا أنفسهم: لماذا لا يقدمون هم هذه المساعدات، ولماذا لا يرسل نظامهم الحاكم، والذى يبنى شرعيته على معاداة إسرائيل، السلاح لحماس عبر البحر.. والسؤال الأهم لماذا لم يطلقوا رصاصة واحدة لتحرير الجولان، ولماذا لا يطلقون نيرانهم ضد العدو الصهيونى من أراضيهم لتخفيف الحصار الاقتصادى والعسكرى على غزة؟
الحقيقة أنك لن تجد إجابة فى سوريا، وفى بلداننا العربية من المحيط إلى الخليج، فالكل مشغول فقط بدفع الإدارة المصرية لانتهاك اتفاقياتها الدولية، ومن ثم خوض حرب ليس لنا فيها مصلحة، بعد أن حررنا سيناء.. وهم يتفرجون .. وهذا ما دفعنى لأن أقول غاضبا لمسئول فى حزب البعث السوري: لماذا تريد منى إرسال أولادى ليموتوا فى الحرب، وأولادك هنا لا يفعلون شيئا؟
الأمر هنا ليس دفاعا عن النظام الحاكم فى مصر، فهو يتصرف بغباء سياسى منقطع النظير، فلن يضيره دخول من يريد إلى غزة ولن يضيره دخول مساعدات طوال 24 ساعة.. فهذا يدعم موقفه فى بناء جدار فولاذى للدفاع عن الأمن القومى لبلدنا، وحتى لا تتحول إلى مرتع لتجارة السلاح ولتنظيمات إرهابية.
لكن الأمر يتعلق بهؤلاء الذين لا يفعلون شيئا سوى انتقاد الموقف المصرى، واتهام المصريين بالخيانة، فى حين أنهم لا يفعلون أى شيء. ومن هؤلاء جمعية علماء المسلمين الجزائرية التى اتهمت الأزهر بالتخلى عن الأمة، لأن مجمع البحوث أصدر فتوى تبيح بناء الجدار، واتهمت هذه الجمعية الأزهر بأنه "أصبح غير مؤهل لمنح الشرعية الدينية لفقهاء الأمة".
بالطبع أنا ضد فتوى مجمع البحوث، وضد الفتاوى المتناثرة من هنا وهناك، فهذا صراع سياسى يتم استغلال الدين فيه، ويتوه الناس، أيا من الفقهاء يصدقون. لكن إذا كانت جمعية علماء الجزائر يشغلها إلى هذه الدرجة حصار غزة، فلماذا لا تكفر الحكومة الجزائرية التى لم تطلق صاروخا أو ترسل طائرات حربية لإنهاء الحصار، ولماذا لا يقوم جهاز مخابراتها بتهريب السلاح أو حتى المساعدات لغزة؟
لماذا يريدون تحرير فلسطين بدمائنا.. لا دماءهم.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة