نجح الرئيس المشير المبجل عمر أحمد حسن البشير ونظامه الحاكم فى شغل الرأى العام العالمى وجره إلى قضية تافهة وصغيرة وهى بنطلون الصحفية لبنى أحمد حسين، التى حكم عليها بالأمس بالغرامة بما يعادل 200 دولار أمريكى، ولولا الضغوط الإعلامية على نظام البشير لنفذ عليها حكم بالجلد 40 جلدة فى ميدان عام ، كما ينص قانون الجزاء السودانى أحد قوانين الشريعة الإسلامية التى أقرتها حكومة جعفر نميرى، وكأن مشاكل السودان وأزماته قد انتهت، من دارفور التى تتقاسمها فصائل مسلحة بأحدث الأسلحة من دول الجوار ومن إسرائيل أيضا، إلى الجنوب الذى يوشك أن ينفصل لمخالفات شركائه من حزب المؤتمر الحاكم وإصرارهم على تطبيق الشريعة الإسلامية ومخالفة اتفاقيات 2005والدستور الانتقالى ومبدأ المواطنة والاستمرار فى احتكار السلطة والثروة، كل هذه المشاكل المتراكمة لم تمنع نظام البشير من محاولة شغل وإلهاء الرأى العام السودانى والدولى لمتابعة قضية "الصحفية والبنطلون" أو بنطلون الصحفية "، وهل يخدش الحياء أم لا؟
وبدلا من أن يتوجه القضاء السودانى لمحاكمة مجرمى الحرب فى دارفور، والمتهمين بنهب ثروات ومقدرات الشعب السودانى، فقد ترك هؤلاء المجرمين أحرارا حتى بعد ترك بعضهم لمناصبه، رغم كل ما ارتكبوه من جرائم أبشعها ليس الإبادة الجماعية وإنما تحويل الشعب السودانى المهيب الكريم صاحب سلة غذاء العالم، إلى لاجئين ومهمشين فى معسكرات إيواء أو متسللين على الحدود..
وهو الشعب الذى خرج من بينه عبقريات طوفت شهرتها الآفاق فى الشرق والغرب مثل الطيب صالح ووردى والتيجانى بشير ومحيى الدين فارس وشرحبيل ومروان حامد، ولا تجد أى سفارة أو مكتب تابع للأمم المتحدة أو منظمة دولية أو إقليمية إلا وبها سودانى دبلوماسيا كان أو مسئولا رفيعا.
لم نسمع أن حكومة البشير أعلنت طمأنة الشعب السودانى على مستقبل أبنائه ولم تميز بين الشمالى والجنوبى والجعليين والشيقيين، وقامت بتوزيع عادل للثروة على جميع مناطق السودان؛ بدلا من أن نرى النساء يمسكن جراكن المياه والأكياس المشمع وينتظرن دورهن فى الحصول على معونات أجنبية وأكياس دقيق ومعلبات.
ولو صفت نيات حكام السودان لما رأينا هذا المنظر على شاشات الفضائيات، ولرأينا بدلا من ذلك طائرات مساعدات غذائية مقدمة من الشعب السودانى لدول منكوبة فى العالم. إنها أنظمة لا تخجل من شعوبها، لأنها لا تجد من يحاسبها، فلجأت إلى حيل مكشوفة وقديمة للتغطية على أخطائها وكوارثها وإدمانها الفشل، حيل البنطلون الخادش للحياء والرواية التى تمس عقائد الأمة، والقصيدة التى تهدد السلام الاجتماعى.
ملحوظة على الهامش: لماذا تقتصر تلك الحيل وتنطلى على الشعوب العربية ولا يمكن إثارتها فى أى مكان آخر، الجواب قال الشاعر: ألقاب مملكة فى غير موضعها.. كالقط يحكى انتفاخا صولة الأسد.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة