لماذا هناك من ينزعج من مبادرة المحامى ممدوح رمزى بتأسيس لجنة الشريعة المسيحية على غرار لجنة الشريعة الإسلامية فى نقابة المحامين، فالرجل يمارس حقه القانونى والدستورى فى التعبير عن رأيه، وطالما ارتضينا دخول النشاط الدينى فى النقابات، فلابد أن تؤدى المقدمات إلى هذه النتائج.. وخاصة إذا كان هذا النشاط الدينى فى جوهره سياسى، فمن حق الجميع أن يمارسوه، لأن الدستور والمواثيق الدولية لحقوق الإنسان تكفل المساواة الكاملة بين المواطنين.
صحيح أننى ضد النشاط الدينى والسياسى فى النقابات، فالوعظ والإرشاد مكانه المؤسسات الدينية والسياسة مكانها الأحزاب، أما النقابات فهى تجمع بشرى على أساس مهني، أى مجموعة من الناس تجمعهم مهنة واحدة، والطبيعى أن يكون من بينهم مختلف الأديان والعقائد ومختلف التيارات السياسية. ودور النقابة الوحيد هو الدفاع عن مصالح أبناء المهنة الواحدة، أى أجورهم وتطوير أدائهم المهنى بما يؤهلهم لأن يرفعوا كفاءهم، ومن ثم أجورهم فى سوق العمل، فهذه مصالح لا يمكن الخلاف عليها.
بهذا المعيار يمكننى مساندة دفاع نقابة المحامين عن استقلال القضاء، لأنه بالنسبة لها قضية حياة أو موت، فإذا انتفى هذا الاستقلال لم يعد هناك مبرر لمهنة المحاماة. أفهم أن تتخذ النقابة موقفا ضد قانون الطوارئ، لأنه يتنافى مع الحقوق الطبيعية للمتهمين، وهم زبائن المحامين، وأفهم أن تتفاعل النقابة إيجابيا مع خبراء العدل، لأنه من المهن القضائية التى تؤثر بشدة على عملهم.
لكنى لا أستطيع تفهم قيام النقابات بنشاط سياسى، من قبيل المحاكمة الشعبية لفلان أو علان، أو تستضيف أى حزب، بما فيه الحزب الحاكم، أو أى تيار سياسى، لكى يعبر عن أفكاره فى قاعاتها.. فهذه مهمة الأحزاب، لأن أعضاء النقابة من المستحيل أن يتفقوا على فكر سياسى واحد، لأنهم فى النهاية تجمع مهنى.
وإذا كان هناك تواطؤ من قبل النخبة السياسية المعارضة والحاكمة على انتهاكات النقابات، فقد فعلها الحزب الحاكم فى انتخابات نقابة المحامين الأخيرة، وإذا كان هناك تواطؤ صامت على الأنشطة الدينية بأهدافها السياسية.. فلا ضرورة أبدا للانزعاج من لجنة الشريعة المسيحية.. فنحن نحصد ما زرعناه.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة