وكأن عدم تنفيذ أحكام القضاء أصبح منهجا فى الأداء الحكومى، فرئيس هيئة قضايا الدولة المستشار صدقى خلوصى يرفض تنفيذ أحكام قضائية نهائية لحوالى 30 محامياً بأحقيتهم بالتعيين فى الهيئة. وخلوصى ليس حالة استثنائية، فهناك العديد من الهيئات الحكومية تفعل ذات الشىء، وأكثرها وزارة الداخلية التى ترفض تنفيذ أحكام القضاء المتعلقة بالإفراج عن كثير من المساجين، وإذا اضطرت فإنها تلتف على القانون وتستغل قانون الطوارئ لتعيد اعتقال من حكم القضاء ببراءتهم.
وفى حالة هؤلاء المحامين، فقد بذلوا جهدا كبيرا للحصول على حقهم قانونا، واعتصموا واحتجوا بشكل سلمى متحضر، ولم يحدث شىء، رغم أن البديهى والطبيعى هو أن أحكام القضاء النهائية لا راد لها، وليس من حق أى أحد، حتى لو كان رئيس الجمهورية، أن يعطل تنفيذها. فما بالك بموظف عام يتولى هيئة فى وزارة العدل.. ثم كيف يقبل المستشار ممدوح مرعى ذلك وهو رجل قانون، وقائم على وزارة دورها ترسيخ معنى وقيمة العدل؟!
وإذا كان الحال كذلك، فماذا يفعل المواطن إذا لجأ للقضاء ولم يحصل على حقه؟
لا حل أمامه سوى الطرق غير القانونية، لأنه يتصرف من على أرضية اليائس، وبدافع من غضب اليائس، الذى فقد الشعور بالأمان، وفقدت الدولة التى يعيش فى ظل شرعيتها.. أى أن عدم تنفيذ أحكام القضاء هو هدم لهذه الدولة، وباب مرعب لأن يأخذ كل منا "حقه بدراعه"، أى الفوضى. وهذه الفوضى ظهرت بوادرها، فهناك رجال أعمال لا يلجأون للقانون بحباله الطويلة، ولكن يلجأون إلى قانونهم ومحاكمهم الخاصة، وهناك من يلجأ إلى تأجير بلطجية لكى يحصل على حقوقه.. وهذا مؤشر انهيار مرعب.
الأمر هنا لا يتعلق فقط بمجموعة من المحامين يريدون الحصول على حقوقهم، بل إن انتهاك حرمة القضاء بعدم تنفيذ الأحكام، وإذا فعلت ذلك السلطة الحاكمة بأجهزتها، فهذه كارثة، وإذا فعلت ذلك وزارة العدل وعلى رأسها رجل قانون، فقد وصلنا إلى الدرك الأسفل من الانهيار.. ولم يعد أمامى وأمامك سوى قانون الغابة، حيث الحق للأقوى.
فهل هناك عقلاء يوقفون هذه الكارثة؟
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة