ماذا تفعل مع شخص ينتقد كل خلق الله، وعندما تنتقده تقوم الدنيا ولا تقعد؟
لا يناقش ما تطرحه، فكرة أمام فكرة، رأى يصارع رأى، ولكنه يبحث عن "الورائيات"، يهاجمك ويشكك فى نواياك، ويؤكد أن سبب ما فعلت وقلت، ليس أنك تمارس حقك فى التعبير، وأن من حقك الدفاع عن أفكارك، ولكن يُرجع رأيك لأسباب أخرى تماما، وكلها شخصية، حتى يترك الموضوع الأصلى، الذى لا يستطيع مناقشتك فيه، وينقل الأمر إلى خانة أن هذه عيوب شخصية فيك وليست رأيا، أى يريد هدمك؟
هذا الشخص مثله كثيرون فى بلدنا، فى كل التيارات والأحزاب والمؤسسات.. فى كل مكان، ولأنهم ضعفاء، يشكلون قبائل يحتمون ببعضهم بعضا، ويدافعون عن بعضهم بعضا، فإذا ارتكب أحدهم خطأ تجد الآخرين يبررونه، وإذا كان فجا يهونون منه، وفى أحيان أخرى يتجاهلونه وكأنه لم يحدث أصلاً، إنها طريقة "أنا وأخويا على ابن عمى وأنا وابن عمى على الغريب".
فى حين أن ذات الخطأ لو حدث من شخص خارجهم لذبحوه، استنادا إلى كلام كبير من نوع المبادئ والدفاع عن المبادئ وحماية المبادئ ومصلحة الناس والشعب المسكين.. إلى آخر هذه اليافطات البراقة التى ينخدع فيها الكثيرون.
إنهم مثل الرجل الذى يدعو إلى تحرر المرأة واستقلالها وإنسانيتها، ولكنه فى البيت يضرب زوجته "بالجزمة"، ويحرم ابنته من استنشاق هواء شباك غرفتها. وهؤلاء ستجدهم يدافعون باستماتة عن استقلال البلد، عندما يلتقى معارض برئيس دولة أجنبية، فى حين يصمتون تماما على استجداء حكومتنا للمعونات، وبعضهم يحاول تبريرها، وآخرون يهونون منها.
تجد الواحد منهم ينتفض ضد السلطة الحاكمة دفاعا عن حقوق عمال شركة المحلة مثلا، فى حين أنهم يصمتون تماما عن حقوق العمال لديهم، بل وفى أحيان أخرى يشاركون فى ذبحهم بقلب بارد. ويثور فى وجه المستبدين، فى حين أنه يقمع زملاءه الذين وقعوا تحت سطوته.
شاهدت كثير من هؤلاء طوال حوالى ثلاثين عاما فى مهنة الصحافة، ومن سوء حظى أننى شاهدت أكثرهم فجاجة، همهم "عكننة" غيرهم، والوقوف على جثثهم حتى يصعدوا، إنهم المعركة الأصعب فى بلدنا، وهم الأشد خطرا عليها..
اللهم ارحمنا منهم.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة