زعيم أمريكا الأسمر فى القاهرة يونيو القادم.. مرحبا به، مصر كلها ترحب بأوباما وتحترم الرجل الذى يغير مسار أكبر دولة فى عالم اليوم، ويصححه لتستعيد واشنطن رشدها الذى غاب فى حقبة بوش.
هذا الرشد الذى استعادته واشنطن، هو السبب الحقيقى الذى دفع بالرئيس الأسمر إلى اختيار القاهرة عاصمة يخاطب من خلالها كل العالم الإسلامى، نعم مصر ليست أعلى دول العالم الإسلامى فى الكثافة السكانية، لكنها أهم دول العالم العربى والإسلامى، فأهمية الدول لا تقاس بعدد سكانها وإنما تقاس بثقل دورها وقدراتها الإقليمية والدولية.
لم تسع القاهرة إلى واشنطن لكى يختارها أوباما منبرا لمخاطبة العالم الإسلامى، ربما سعى الآخرون، ربما هرولوا – ليست الهرولة عليهم بأمر غريب ولا مستجد، والأقزام دائمو الهرولة وراء العدو والصديق – القاهرة كبيرة بدورها الذى تؤديه فى الشرق الأوسط وفى العالم، القاهرة كبيرة بثقلها وثقل الرئيس مبارك وحكمته وعلاقاته الدولية التى منحت مصر دورا متناميا فى ملفات العالم الكبيرة، القاهرة كبيرة بالأزهر الذى يحصن الإسلام منذ أكثر من ألف عام ضد أعدائه، سواء الذين يعادونه من داخله بتشويهه بالتطرف والعنف، أو من يعادونه من خارجه وهم كثر.
مصر التى تقود السلام برغم كل الصعاب الجسيمة، وتدفع فاتورة الدور الكبير فى المنطقة، تتماسك أمام هجمات الصغار، صغار النفوس والدول القزمية التى تتبضع الأدوار الوهمية، وتظن – والظن هنا إثم مؤكد – أن المال يشترى الأدوار، وأن الجغرافيا القزمية يمكن الاستعاضة عنها بعنترية تشترى وتباع بالمال، أو بمؤتمرات فى فنادق سبع نجوم، الفارق الذى لن يعوه أبدا أن مصر خلقت كبيرة وأن قيادتها السياسية ترعى هذا الدور وتنميه وتستثمره لشعبها وللشعوب العربية، الفارق أن القاهرة لا تهرول صوب أحد، وأن الأقزام ومنتحلى الأدوار يهرولون ويتشوقون إلى السيد الأمريكى، القاهرة ند وشريك وليست تابعا والفارق – لمن يعى- أبعد مما بين الأرض والسماء.
لم يختر أوباما القاهرة اعتباطا لكى يخاطب من خلالها مسلمى العالم ، مصر معقل الدين الإسلامى وأزهرها هو مركز الاعتدال والوسطية، مصر لديها أجندة حقيقية لكى تظل دولة مدنية، عصرية، علمية، متسامحة، ومصر قبل كل ذلك وبعده على رأسها قائد اسمه حسنى مبارك له كلمته الدولية وثقله وخبراته التى يحتاجها زعيم واشنطن الجديد. يدرك أوباما أن كلمته من القاهرة ستكون مسموعة، ستصل صافية نقية قوية مؤثرة إلى نفس كل مسلم فى العالم، فالمسلمون يرون أن مصر هى الدولة الأم وهى المنبر الذى يلتف حوله الجميع، وأن القاهرة عاصمة مجمعة لا مفرقة، سيجد فيها أوباما منبرا حقيقيا يجمع عليه المسلمون، لا منبرا يكرس للنعرات المذهبية أو يشترى الدور السياسى بالمال.
إن باراك أوباما يملك عقلية سياسية جديدة وإرادة تتحدى صعابا كثيرة داخل بلاده وفى العالم، من هنا فهو يلجأ إلى مصر – مبارك ذات الإرادة السياسية المتجددة والخبرات الواسعة، والتى اعتادت تحدى الصعاب والانتصار عليها فى شتى المراحل، اختيار منطقى، يواصل به أوباما أجندته التى تحقق نجاحات متصلة، وتواصل به القاهرة دورها فى خريطة المنطقة والعالم، ويغتاظ له من يغتاظ، ويخيب به ظن المغرضين، هؤلاء الذين لاحقوا توقعات زيارة أوباما للقاهرة – قبل أن يعلن عنها – بالإحباط والتشكيك والتهوين وتساءلوا: هل من المعقول أن يأتى للقاهرة، هذه العاصمة التى لديها أجندة داخلية وخارجية متعارضة معه؟ تشدقوا بحقوق الإنسان وادعوا ما ادعوا، حاولوا التطاول لكن كل محاولاتهم وظنونهم وتشكيكاتهم ذهبت أدراج الرياح، وهاهم يلوكون خيبتهم وحسرتهم وينظرون إلى الدور المصرى كجبل شامخ يستعصى على معاولهم.
صور هؤلاء المغرضون الذين يحاربون الدور المصرى – من الداخل وفى الخارج على السواء – أن أمريكا تبتعد كثيرا عن مصر فى عصر أوباما، ونسوا أن أوباما زعيم حقيقى لا يبغى إلا مصلحة بلاده، وأن القاهرة بالنسبة له حل مثالى لمشكلته مع العالم الإسلامى، الذى تشوهت علاقته بالولايات المتحدة تماما فى حقبة بوش المظلمة، وأن العلاقات الأمريكية الإسلامية لن تنصلح إلا من خلال أكبر عواصم العالم الإسلامى بلد الأزهر وآلاف المآذن، التى ترفع راية الوسطية والاستنارة لا تحيد عنهما.. ونسوا أو تناسوا أن فى القاهرة مبارك، الذى له كلمة مسموعة فى العالم الإسلامى من حدود الصين شرقا إلى الولايات المتحدة غربا ذاتها، والتى بها اليوم ملايين المسلمين.
هذا درس جديد من القاهرة، لعل الأقزام يتعلمون أن قامتهم لن تطول بالمال، ولعل الحاقدين والمغرضين يتعلمون أن الجبال لا تهدها السهام مهما تكن سهاما مسمومة، درس من القاهرة – الكبيرة، المؤثرة، المعتدلة، القوية – لمن لا يملكون الخبرة ولا الدراية ولا بلغوا حتى سن الرشد. مرحبا بالرئيس الأمريكى الأسمر، وتهنئة له على دقة اختياره لمنبره الذى سيعيد من خلاله علاقة الولايات المتحدة بالعالم الإسلامى لمسارها الصحيح!
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة