هل وصلت رسالة القاهرة إلى الأشقاء القطريين؟ فها هو الرئيس السودانى عمر البشير يصل إلى الدوحة دون أية إجراءات حماية معتادة جوية أو بحرية أو برية، مما يؤكد ثقل الدور المصرى والتزام المجتمع الدولى بتعهداته، بعدم المساس بطائرة البشير أو اعتراضها، وهو ما يفتح الباب أيضاً أمام الحوار الجاد مع الأمم المتحدة ومجلس الأمن عن طريق الاستماع لنصائح القاهرة التى أبلغها الوزيران أحمد أبو الغيط وعمر سليمان إلى الرئيس البشير ومجلس الرئاسة من حزب المؤتمر الوطنى أو من شركائه الجنوبيين.
لقد تأكد للعالم أجمع أنه لا غنى عن الدور المصرى، ولو كان نظام الإنقاذ استجاب لنصائح القاهرة فى سرعة حل مشكلة الغرب فى دارفور، التى لم تكن وقتها سوى صراع على الرعى والعشب بين قبائل افريقية وعربية من سكان دارفور، لما تحولت الأزمة إلى نزاع مسلح وأزمة نازحين حتى تطورت إلى انتهاكات لحقوق الإنسان، وما يتردد عن جرائم حرب يندد بها المجتمع الدولى وتفرض حق التدخل وانتهاك سيادة الدول.
لقد كانت الفرصة سانحة أمام البشير، وكانت وقتها مطالب أهل دارفور بسيطة وإنسانية، وبعضها يتعلق بالتمثيل فى الحكومة، ولم يكن هناك فصيل معارض سوى التحالف الفيدرالى بزعامة أحمد دريج وزير العمل الأسبق وأحد أبناء دارفور، وكان له مكتب بالقاهرة، سبق أن التقيت معه فيه أكثر من مرة، بصحبة أخى محمد حسن الباحث السودانى بالأزهر الذى انضم إلى دريج، وأصبح مسئولاً عن مكتب التحالف الفيدرالى بالقاهرة، لكن البشير كان عنيداً فى وصف معارضيه بالمتمردين، مستمعا إلى وجهة نظر بقايا تلامذة الدكتور حسن الترابى، برفض أى حوار واتهام هؤلاء بالعمالة للخارج، وخاصة أمريكا وإسرائيل.
وأذكر أن الدكتور منصور خالد مستشار الفريق أول سلفاكير النائب الأول للرئيس السودانى، وهو زير خارجية سابق فى عهد جعفر نميرى قال لى فى منزله بالميرلاند، إن وصف أى معارض سودانى بالعمالة يزيد من عناد المعارضة، ويجعلها ترفض أى حوار مع النظام الحاكم، بل ويجعلها تستدعى عليه الخارج، وهو أمر رأيناه فى كل الأنظمة التى تقذف بالمعارضة إلى الخارج، وتجعلها تعيش فى المنفى وتقوم بتسليح ميليشيات لإسقاط النظام، وفتح خالد قلبه بصراحة قائلاً لى "لولا مصر وتدخلها لتم إعدام نميرى من قبل الثوار، ومصر وحدها هى القادرة على ردم أى خلاف وتصدع بين السودانيين".
إلى الباحثين عن دور ومكانة فى عالم لا يزن الأشياء بالمال، وإلى كل من يتجاهل مصر، وإلى فخامة الرئيس عمر البشير، هل استوعبتم الدرس؟
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة