ياسر أيوب

المايسترو و أنا

عاشق الأهلى.. الذى رقص التانجو بسبب حسن حمدى.. وقرر أن يضرب لاعبى الزمالك

الجمعة، 27 فبراير 2009 02:28 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
◄لم يكن صالح سليم سعيدا على الإطلاق وهو يقول إن الخطيب بالتأكيد سيبقى اللاعب الأفضل فى كل تاريخ الكرة المصرية

لم يكن صالح سليم يحب المعسكرات التى يقيمها الجيش للاعبى المنتخب القومى لكرة القدم.. كان يراها معسكرات تمتهن آدمية اللاعبين، وتحيلهم من نجوم للكرة يحبهم الناس إلى مجرمين أو أسرى حرب لا يملكون إلا تنفيذ الأوامر.. فالكل كان يخاف من سطوة وسلطة وقوة المشير عامر.. أقوى رجل فى مصر وقتها.. شريك جمال عبد الناصر فى الحكم والقائد العام للقوات المسلحة ورئيس اتحاد الكرة.. وفى أحد هذه المعسكرات التى تقرر إقامتها فى ليمان طرة.. لم يحتمل صالح أن يبقى فى المعسكر ولم يخش غضب المشير وجمع حاجياته ورحل احتجاجا على معسكر لمنتخب مصر فى ليمان طرة.. واشتكى حسين مدكور، مدير المنتخب، للمشير من تصرف صالح سليم.. فتم استدعاء صالح للقاء المشير عامر فى مكتبه.. وعلى الرغم من أن الاثنين كانا يعرفان السبب الحقيقى لهذا الاستدعاء ولهذا اللقاء.. فإنه لا المشير سأل.. ولا صالح أجاب.. وإنما بدأ المشير حديثه بمصر ومنتخب مصر.. ولماذا لا يضحى صالح سليم من أجل مصر ومنتخب مصر.. فقال صالح للمشير إنه يلعب كل المباريات الدولية مع المنتخب.. ولكنه أيضا يلعب للنادى الأهلى ولجامعة القاهرة.. وهو موظف فى بنك الإسكندرية.. وإلى جانب ذلك كله هو رجل متزوج.. ولزوجته حقوق كثيرة مثل أى زوجة فى العالم.. فقال المشير لصالح إن أفضل الحلول هو أن يترك وظيفته فى بنك الإسكندرية.. ولم يقبل صالح لأنها كانت وظيفة تدر عليه ثلاثة وعشرين جنيها كل شهر.. فضحك المشير وقال لصالح إنه سيقوم بتعيينه ضابطا فى الجيش وسيتقاضى من الجيش أكثر من ثلاثة وعشرين جنيها كل شهر.. ورفض صالح أن يكون ضابطا فى الجيش.. وتساءل المشير فى دهشة واستياء.. مالهم بقى الضباط؟.. فقال صالح إنه لا يحب الأوامر ولا يحب أن يأتى ضابط أقدم منه بساعة ليعطيه الأوامر.. فعاد المشير للضحك، وقال لصالح إنه سيعينه فى الشئون المعنوية بخمسة وعشرين جنيها فى الشهر، وسيعينه أيضا فى هيئة قناة السويس دون أن يكون مطالبا بأى أعباء وظيفية وأن يعتبر أنه سيتقاضى مرتبا من الجيش والهيئة مقابل اللعب لمنتخب مصر والانتظام فى معسكرات المنتخب.

وبصرف النظر عن كل معانى ودلالات هذا الحوار وحكايته.. من معسكرات المنتخب القومى فى الليمان.. إلى اختيار ضباط الجيش.. فقد وافق صالح وأصبح يعمل فى الشئون المعنوية وفى هيئة قناة السويس.. لكنه بعد تسعة أشهر صدر قانون عدم الجمع بين وظيفتين.. فترك صالح الجيش وبقى موظفا فى الهيئة.. حتى جاء يوم فوجئ فيه صالح سليم بعبدالحميد أبو بكر، سكرتير عام الهيئة وقتها، يعرض عليه أن يترك الأهلى ويلعب للقناة وفى مقابل ذلك ستمنحه الهيئة فيلا خاصة للسكن ومرتبا شهريا يصل إلى مائتى جنيه.. وضحك صالح وهو يحكى لى هذه الحكاية قائلا إن صديقه الأمير عبدالله الفيصل لم يكن يحلم وقتها بأن يتقاضى مائتى جنيه فى الشهر.. ورفض صالح العرض.. رفض الفيلا والمرتب الهائل لأنه لم يتصور أن يلعب لأى ناد آخر غير الأهلى.. ولم تكن هذه هى المرة الوحيدة التى يتعرض فيها صالح لإغراءات أو ضغوط من أجل أن يلعب لغير الأهلى.. بل إنه قبل اعتزاله اللعب.. خرجت إشاعة عام 1966 تؤكد أن صالح سينتقل للعب للترسانة.. وبدأ الناس وكثير من الصحفيين وقتها يتخيلون شكل الترسانة وقوتها إذا انتقل إليها صالح سليم ليلعب بجوار بدوى عبدالفتاح والشاذلى ومصطفى رياض.. ولأنها كانت إشاعة أو كذبة.. فلم يهتم صالح سليم.. ولكن الناس صدقت.. وكانت المرة الأولى التى يتلقى فيها صالح تهديدات بالقتل من بعض المتعصبين من جمهور الأهلى.. وكان هذا هو الوجع الحقيقى الذى عانى منه صالح وقتها.. ليس التهديد بالقتل وإنما أن يتخيل بعضهم وأن يصدقوا أن «صالح» ممكن أن يترك الأهلى لأى سبب.. فالعلاقة بين صالح والأهلى.. لم تكن أبدا مجرد علاقة عادية.. وإنما كانت قصة حب من تلك القصص التى يتوقف أمامها التاريخ كثيرا وطويلا.. والدليل هو أن «صالح» أبدا لم يساوم الأهلى.

وقد كان هذا هو المعيار الحقيقى والدائم الذى يستند إليه صالح سليم فى الحكم وتقييم كل من هم حوله من رجال يشاركونه إدارة النادى الأهلى.. وبسبب ذلك كان حسن حمدى - الرئيس الحالى - هو أقرب الجميع لقلب صالح.. فقد كان يقول لى دائما إن حسن حمدى هو أكثرهم حبا للأهلى وهو الذى لا يريد شيئا من الأهلى.. وعلى الرغم من جرح قلب صالح الذى تسبب فيه حسن حمدى حين قرر الإطاحة بطارق سليم من إدارة الكرة.. لكن صالح لم يفقد قناعته بأن حسن حمدى هو الأصلح والأقدر على قيادة النادى الأهلى.. وقد كنت مع صالح فى بيته وحدنا يوم اجتمع مجلس إدارة الأهلى - بدون صالح - ليقرروا الإطاحة بطارق سليم.. وبقى صالح يتوقع حتى اللحظة الأخيرة أنهم سيرجعون عن قرارهم ولن يخذلوه ولن يقتلوا طارق سليم.. وتوالت الاتصالات التليفونية من الجميع وصالح ينظر فى تليفونه المحمول بسرعة ولكنه لا يجيب أى أحد منهم.. وفجأة ألقى صالح بالتليفون على الأرض.. وجلس أمام مكتبة أسطوانات الموسيقى الخاصة به.. وأخرج منها موسيقى التانجو التى يعشقها.. وطلب منى صالح أن أجلس على الأرض لأنه قرر أن يعطينى أول درس فى رقص التانجو.. وبدأ صالح يرقص.. وبدأت تلمع فى عينيه دموع لم أرها أبدا طيلة عشر سنوات إلا حين كان صالح يتحدث عن والدته وعن حبه وامتنانه لزينب زوجته.. وعلى الرغم من هذا الجرح وهذه الدموع.. لم يفقد صالح حبه واحترامه وصداقته الطويلة والعميقة لحسن حمدى.. بل أوصانى قبل أن يموت بأن أبقى فى صف حسن حمدى فى أى انتخابات يخوضها وفى أى حرب يواجهها.. ولم يكن هذا بالضرورة هو موقف صالح سليم مع الآخرين.. وهو على سبيل المثال لم يكن صديقا لمحمود الخطيب.. وأذكر فى أحد اللقاءات التى جمعتنى بصالح سليم وزوجته أننى سألت صالح عن اللاعب الأفضل فى تاريخ مصر.. ولم تنتظر زوجة صالح سليم إجابة من زوجها وسارعت قائلة إنه محمود الخطيب.. فنظر إليها صالح قائلا.. ولماذا محمود الخطيب.. هو إنتى علشان مش حافظة اسم أى لاعب كورة غير الخطيب يبقى الخطيب هو أحسن لاعب كورة فى مصر.. وهكذا بدأنا نحن الثلاثة حوارا طويلا ومرحا عن الثقافة الكروية لزوجة صالح سليم.. لكننى فى لقاء آخر عدت لنفس السؤال وسألت صالح سليم من جديد عن اللاعب الأفضل فى تاريخ مصر.. فقال لى - ولم يكن سعيدا على الإطلاق - إنه محمود الخطيب.. فهو صاحب الموهبة الأكبر والأعظم والأجمل أيضا.. وتذكر صالح الحوار السابق الذى جمع بيننا وبين زوجته وكيف شعر بالضيق حين قالت زوجته إن الخطيب هو الأفضل.. وقال لى إنه حين كان يلعب.. جلس يوما مع مختار التتش وابنته الصغيرة نادية.. وفوجئ التتش بابنته تؤكد أن صالح سليم أفضل من التتش.. وثار التتش وغضب.. وقال صالح سليم إنها مسألة أجيال.. فالتتش يوما كان نجم النجوم.. وجاء صالح ليصبح أفضل من التتش.. ثم جاء الخطيب ليصبح أفضل من صالح سليم.. وبالتأكيد سيأتى لاعب ما.. يوما ما.. ليصبح أفضل من الخطيب.. ولكن الخطيب - ولا يزال الكلام على لسان صالح سيبقى بالتأكيد هو اللاعب الأفضل فى كل العصور.. وبالتأكيد سأتوقف فى حلقة قادمة بالتفاصيل والحكايات عن كل هؤلاء الذين أحبهم صالح سليم واحترمهم وهؤلاء الذين لم يحبهم أو لم يحترمهم أبدا صالح سليم.. ولكننى أود التوقف الآن عند صالح والأهلى.. قصة الحب التى سبق أن أشرت إليها وتوقفت أمامها بكثير جداً من الاعتزاز والتقدير والاحترام.. صالح اللاعب الذى رفض إغراءات هيئة قناة السويس ليترك الأهلى.. وصالح النجم الذى رفض أن يأخذ السيارة الهدية فى مهرجان اعتزاله وأصر على بيعها والتنازل عن ثمنها لمصلحة النادى الأهلى.. وصالح الإدارى الذى نجح فى انتشال الأهلى فى بداية السبعينيات من عثرته وقرر بناء فريق جديد بأسس جديدة.. فجاء بهيديكوتى واحتضن جيلا جديدا من الموهوبين الصغار مثل الخطيب ومصطفى عبده ومصطفى يونس وزملائهم.. ووضع أسسا وقوانين لا تزال سارية حتى اليوم.. فقد رفض مثلا أن يحضر أعضاء مجلس الإدارة أى تدريب للفريق، فقد كان يقول إن الفشل يبدأ حين تختلط الأدوار.. حين يتحول حب النادى والانتماء له إلى وجاهة أو منظرة.. أما صالح الرئيس فقد نجح فى الحفاظ على مكانة الأهلى وهيبته.. وأنا منزعج لأن أحدا غير صالح سليم لم يعترض على قرار قديم للدكتور عبد المنعم عمارة بمنع دخول سيارة أى رئيس لأى ناد أو أى عضو مجلس إدارة إلى استاد القاهرة.. بينما يدخل الدكتور عمارة أو أى وزير للرياضة بسيارته حتى باب المقصورة.. رغم أن الاستاد وقتها يصبح بيتا للنادى الذى يلعب بينما الوزير هو مجرد ضيف.. فكيف نمنع صاحب البيت من الدخول ونترك الضيف يدخل.. وكان هذا هو السبب الحقيقى وراء قرار صالح بعدم حضور أى مباراة للأهلى فى استاد القاهرة.

وعلى الرغم من ضرورة استكمال الحديث عن صالح سليم والأهلى.. فمن الممكن التوقف قليلاً عند نادى الزمالك أيضا.. وإذا كان صالح سليم قد عاش حياته كلها عاشقاً ولاعباً ورئيساً ورمزاً للنادى الأهلى.. فقد كان فى المقابل أكثر الجميع احتراماً لنادى الزمالك.. وفى أكثر من مرة وأكثر من مناسبة أكد صالح حبه واحترامه لنادى الزمالك.. أكد أن الكرة المصرية بقدر ما احتاجت للأهلى وازدانت به بقدر ما أعطاها الزمالك كثيراً من انتصاراتها وبطولاتها وأجمل حكاياتها.. بل إن التنافس الدائم بين الناديين رآه صالح الماكينة التى بقيت تدور لتفرز كل هؤلاء النجوم الذين عرفتهم وفرحت بهم ومعهم الكرة المصرية.. وقد كان صالح سليم أحد هؤلاء النجوم منذ أن شارك فى أول لقاء قمة يوم العاشر من ديسمبر عام 1948 وحتى اعتزاله اللعب بعد هزيمة يونيو عام 1967.. وعبر هذه الرحلة الطويلة شارك صالح فى كل لقاءات القمة وسجل وحده ستة أهداف فى مرمى الزمالك أولها كان فى مباراة الدور الأول لموسم 55/1956 وتعادل الفريقان بهدفين لكل منهما.. وآخرها كان فى الدور الأول أيضا لموسم 61/1962 وفاز فيها الأهلى 3/صفر.. وإلى جانب هذين الهدفين سجل صالح هدفين آخرين فى مرمى الزمالك فى مباراة واحدة وكانت فى الدور الثانى لموسم 57/1958.. ولن ينسى تاريخ القمة أيضا مباراة الفريقين فى الدور الثانى لموسم 55/1956 حين قرر الحكم الإنجليزى ماكيلان طرد صالح سليم لأول مرة فى مشواره مع الكرة بعدما اعتقد الحكم أن «صالح» يعترض على قراراته.. وإذا كان لم يعد فى وسع أحد الآن التأكيد ما إذا كان صالح مظلوما.. أم كان بالفعل يستحق الطرد لأول مرة فى حياته.. فإنه يمكن التأكيد فى المقابل على أن صالح اللاعب لم يكن يحب الخسارة أمام الزمالك، رغم حبه واحترامه لنادى الزمالك.. ولعلها من الحوادث أو الحكايات التى لا يمكن نسيانها.. أو هى أغرب حكايات قمة الأهلى والزمالك حتى الآن.. وكانت يوم أصر صالح على اقتحام غرفة الزمالك أثناء الاستراحة فى إحدى مباريات الناديين يريد ضرب يكن حسين الذى تمادى فى خشونته مع صالح أثناء الشوط الأول.. وأذكر أننى سألت صالح ألم يخش اقتحام غرفة لاعبى الزمالك ليتشاجر أو ليضرب واحدا منهم.. فضحك صالح قائلا.. لا لم أخش شيئا لأنهم كانوا جميعا أصدقائى.. وقد كانت لصالح صداقات كثيرة بالفعل مع نجوم الزمالك منذ أن كان أحد رواد حديقة الزمالك فى مقره القديم مكان مسرح البالون حاليا.. صداقات ربطت بينه وبين محمود بدر الدين وعبد الرحمن فوزى وشريف الفار ويحيى إمام وجلال قريطم وكان أعز أصدقاء صالح من الزمالك هو حنفى بسطان، وقد بدأت علاقتهما منذ أن كان الاثنان تلميذين فى مدرسة السعيدية الثانوية.. أما عبده نصحى فكانت له حكايته مع صالح التى بدأت منذ دورة روما الأوليمبية وهناك حاول عبده نصحى إقناع صالح بأكل العكاوى وبقى يحاول إقناعه حتى مات الاثنان دون أن يكف عبده نصحى عن محاولاته ودون أن يوافق صالح ويأكل العكاوى.. وقد كانت علاقة صالح بالأكل علاقة معقدة.. فهو أبدا لم يأكل العكاوى التى كان يصر عليها عبده نصحى.. ولكنه كان أيضا يرفض أكل الكوارع والفشة والدهون وكل الأكلات الثقيلة.. ولم يكن يأكل السمك على الإطلاق.. وكانت أكلته المفضلة حتى النهاية هى الخبز والجبن.

وبعكس التوتر الذى كان يعيشه صالح لاعبا أثناء مباريات القمة وقبلها وبعدها.. كان صالح الرئيس هادئا ورصينا لا يراها تختلف عن أى مباراة أخرى.. صحيح أنه تمنى دائما أن يفوز الأهلى ولكنه أبدا لم يفقد تقديره واحترامه للزمالك.. وأذكر أننى بعد أن فاز الزمالك ببطولة الدورى اقترحت على صالح سليم أن يذهب لنادى الزمالك لتهنئة إدارته وجماهيره.. وأصغى لى صالح وأنا أشرح له اقتراحى وكأننى كائن من كوكب آخر.. وبقى صالح صامتا.. لم يعلق ولو بكلمة واحدة.. وانتهى من الصمت الذى مارسه لدقائق كثيرة قبل أن يعود لكلام آخر وحكايات أخرى.. واحترمت ذلك وقتها لكننى عدت بعدها وأعدت هذا الاقتراح من جديد.. فقال لى صالح.. إنت عايزنى أنا أروح أزور الزمالك.. فقلت له وما المانع.. أنت رئيس الأهلى.. والزمالك هو الفائز ببطولة الدورى.. فقال لى إن الأمر قد يبدو وكأن رئيس النادى الأهلى خذل جماهير ناديه وذهب ليحتقل بانتصار النادى المنافس.. وضحك صالح وهو يقول.. وممكن بقى تطلع إشاعة إنى فى الأصل زملكاوى.. ولم أضحك وقلت لصالح إن الناس كلها تعرف انتماءه للأهلى ولا أحد يمكنه المزايدة على هذا الحب وهذا الانتماء والارتباط.. ولكنها ستغدو خطوة لها معناها ودلالتها.. وبدون استطراد طويل والتوقف عند حوارات كثيرة مع صالح.. وافق صالح من حيث المبدأ وترك لى مهمة ترتيب هذه الزيارة بكل جوانبها.. لكنه عاد بسرعة وقرر أنه لن يذهب.. سألته عن السبب.. فقال لى إنه اقتنع بكل ما قلته وبأهمية مثل هذه الزيارة ونبل معانيها وأهدافها.. وكان سيذهب بالفعل احتراما للزمالك ولجماهير الزمالك.. كان قطعا سيذهب لو أن الذى يدير الزمالك الآن هو المهندس محمد حسن حلمى أو حسن عامر أو نور الدالى.. لكنه الآن لا يستطيع الذهاب.

وكثيرا ما كان صالح يضحك حين يفاجئه أحد أصدقائه باقتراح.. أو أمنية كثير من عشاق الزمالك بأن ينتقل صالح رئيسا لنادى الزمالك بدلا من النادى الأهلى.. وكان يقول لى إنه حين يسمع مثل هذا الطلب أو هذه الأمنية.. لا يملك إلا الدهشة والاستغراب.. وكأن الإدارة الناجحة باتت عملية شديدة التعقيد وتستدعى الاستعانة بخبير أجنبى يجرى استيراده من الخارج.. مع أن المسألة فى غاية الوضوح والبساطة.. فأى نجاح لن تحققه إلا إدارة ليست لها أى مطامع أو حسابات ومصالح شخصية.. فهو نجح مع الأهلى لأنه أبدا لم يستفد من الأهلى.. لم يتاجر بانتمائه للأهلى.. لم يعقد أى صفقة شخصية وكان الأهلى فيها هو السلعة التى يتم بيعها أو الهدية التى يجرى تقديمها.. وبالتأكيد بقى صالح هكذا حتى نهاية مشواره مع الأهلى ومع الحياة كلها.. ولعل أجمل ما يمكن أن أختم به حديثى عن صالح والأهلى هو هذه الحكاية التى جرت فى آخر سنة عاشها صالح.. بدأت الحكاية بصالح نائما فى غرفته.. وأنا فى صالة الاستقبال أجلس مع زوجته نتحدث عن مرض صالح وسفره قريبا إلى لندن لاستكمال العلاج.. وتكاليف هذا العلاج الذى لم يكن يغطيه التأمين الصحى الذى تعاقد عليه صالح سليم فى لندن.. وكان صالح وقت أن تعاقد على هذا التأمين رفض التحايل، وأصر على أن يكتب أنه مريض بتليف فى الكبد وأنه أصيب بفيروس سى.. وهو ما كان يعنى أن أى علاج للكبد لن يشمله هذا التأمين الصحى.. وحين تطور الأمر ليصبح سرطانا ينهش الكبد.. بات صالح مضطرا لأن يدفع تكاليف علاجه من ماله الخاص.. وأخذنا أنا وزوجة صالح سليم نتبادل الحوار.. والسخرية.. من أولئك الذين لم يقدموا شيئا للناس أو الوطن.. ورغم ذلك تتحمل الدولة راضية وطائعة.. وسعيدة أيضا.. جميع تكاليف علاجهم.. أو حتى مصاريف السياحة العلاجية داخل وخارج البلاد.. بينما لم يفكر أحد فى أن يسأل صالح عن تكاليف علاجه أو يقترح عليه أن تتحمل الدولة مثل هذه المصاريف والفواتير المرهقة.. وفجأة ظهر صالح فى الصالة.. وعلى ملامح وجهه غضب هائل ومروع.. كانت المرة الأولى والأخيرة التى أرى فيها صالح سليم غاضبا من زوجته ومنى بمثل هذا الشكل وهذا العنف وهذه القسوة.. فقد تخيل صالح أن زوجته تريد ان تتكفل الدولة بعلاجه.. وتخيل أننى سأكتب فى الأهرام مثل هذه الدعوة.. وبقى صالح واقفا وهو يقول فى صوت عال.. وحاسم.. وغاضب.. إنه لا يريد شيئا من أى أحد.. وأنه لم يشك ولن يشكو.. لم يطلب ولن يسأل.. ولن يأتى اليوم الذى يطلب فيه من أى أحد أى استثناء أو أى معاملة خاصة باعتباره رئيسا للأهلى.. وسيموت وهو مجرد عاشق للأهلى.

لمعلوماتك...
1967 فى شهر رمضان شارك صالح فى أول مباراة قمة
1966 انتشرت شائعة بأن صالح سينتقل لنادى الترسانة

الحلقة الأولى: كبرياء الأهلى.. وحكاية رئيس اسمه صالح سليم
الحلقة الثانية: لماذا نجح صالح سليم رئيسا للأهلى؟
الحلقة الرابعة: الذين أحبهم.. والذين أبدا لم يحترمهم صالح سليم
الحلقة الأخيرة.. صالح سليم.. الذى لم يكن شيطانا.. ولا ملاكا أيضا








مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة