وكأنها طبول حرب، اشتعلت بين من يؤكدون ظهور السيدة العذراء فى كنيسة الوراق، وبين من ينفون هذا الظهور نفيا قاطعا.. وتدريجيا تحولت إلى مبارزة دينية بين مسلمين ومسيحيين، فإذا كان ظهورها حقيقيا، فقد اعتبره البعض انتصارا للمسيحية، وهزيمة للإسلام، وإذا كان غير صحيح كما يؤكد آخرون، فهو هزيمة للمسيحية وانتصار بالطبع للإسلام.
مبارزة طائفية، وفى الحقيقة مجانية، لن يستفيد منها هذا الطرف أو ذاك.. بل ستخسر كل الأطراف، وسوف يكسب المتطرفون من الجانبين للأسباب التالية:
1- أعتقد أنه لا يجب أن ننجر إلى حرب منافسة بين الأديان، ومن ثم الانشغال بالتشكيك فى هذا الدين أو ذاك، أو حتى التشكيك فى الممارسات الدينية لمختلف العقائد، فهذه حروب لا طائل من ورائها سوى تعميق الفتن الطائفية والتجريح المتبادل.
2- أنصار كل الأديان، بما فيها حتى الأرضية، يتحدثون عن معجزات تخصهم، فالأمر لا يخص المسيحية وحدها، ومن ثم ليس مفيدا محاولة تحطيمها، ولا حتى مناقشتها، طالما أنها لا تضر المجتمع.
3- ما الذى يضير الإسلام أو غيره من الأديان أن يكون ظهور السيدة العذراء حقيقيا، فلا ضرر على الإطلاق، ولا ضرر من وجود أى معجزات يروج لها أصحاب أى دين.. ثم إذا اقتنع أى إنسان بأى دين بناء على هذه المعجزة أو تلك، فهذه حريته الشخصية، ومن جانب آخر يجب أن يسعد هذا المتدينين لأنه مؤمن ضعيف.
الحقيقة أن المزعج فى هذه المبارزة هو الروح الثأرية فى التعامل مع ظهور السيدة العذراء، فلماذا يخوض البعض حربا ليسوا طرفا فيها أصلا ولم تمس من قريب أو بعيد عقائدهم.
وعلى الجانب الآخر يزعجنى بعض الذين يؤمنون أن ظهور السيدة العذراء هذا يؤكد مصداقية دينهم، وكأنهم يحتاجون دليلا، أو أنه انتصار على الأديان الأخرى.
إنها تراكمات ثأرية بين الأديان فى بلدنا.. بعد أن تخلى المجتمع طواعية عن سماحته، وسلم رقبته لمتطرفين من هنا وهناك، وسلم رقبته لسياسيين يستغلونه دينيا، إنهم يجروننا كالقطعان لحرب لا هوادة فيها ضد بعضنا البعض.
إنهم يحرقون البلد.. ويكسبون.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة