أكرم القصاص

العبوا مع بعض

الثلاثاء، 17 نوفمبر 2009 12:02 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
زمان ونحن عيال عندما كنا نتشاجر كان أهلنا يقولون لنا " العبوا مع بعض"، وينتهى الأمر عادة بأن نلعب مع بعض. لكنا عشنا وشفنا أن اللعب هو الذى يأتى بالحروب بين الدول، ومباراة فى كرة القدم تتحول إلى ما يشبه داحس والغبراء بين مصر والجزائر، ومع الشحن والتسخين لا احد يتوقف ليتأمل الموقف ويقول لكل هؤلاء عيب ما يصحش كده " العبوا مع بعض". بينما كل طرف يريد من فريقه أن يفوز فيوجه عنفه ضد الفريق الآخر، ثم فى حالة الخسارة يوجهه لفريقه.

الجمهور المصرى مارس التعصب إلا أن الأمور لم تخرج عن حدود الصراخ، ولانعرف كيف كان الرد لو لم يفز الفريق المصرى نصف فوز. العادة أن الجمهور يصاب باكتئاب يدفعه للنوم أو الحزن.

.. لكن الأمر مع إخواننا الجزائريين أخذ اتجاها أكثر عنفا، و رأينا كيف هاجم الجزائريون الشركات المصرية بالمولوتوف واحرقوا وحطموا شركة مصر للطيران وطاردوا العاملين وألغت وزارة العمل الجزائرية تصاريح عمل المصريين هناك. كل هذا بعد مباراة واحدة .. ومن يفز سوف يذهب إلى تصفيات كاس العالم وربما لا يتجاوز دور الستة عشر. لماذا إذن كل هذا العنف وكل هذه الفوضى التى أحرقت العلاقة بين الشعبين وبدت كأنها الحرب التى لا يمكن أن تتوقف ونظن أن تأثيراتها يمكن أن تستمر لسنوات أو تنتهى بقطع العلاقات بين بلدين بينهما تاريخ من الدم والدموع.

وبالرغم من أن المسافة بين مصر والجزائر بعيدة فقد ظلت العلاقة الأخوية بين الشعبين أقوى من دول مجاورة، لان المشترك ليالى وأيام ودعم مصرى لثورة الجزائر ودعم جزائرى لمصر فى حروبها .

كل هذا تحطم فى لحظات بسبب اللعب، والأمر ردود فعل لم نر مثيل لها من قبل ولم نشهد مثل هذه المشاعر العدائية التى تصل إلى حد الرغبة فى القتل والإنهاء.

إنها ليست أكثر من مباراة، كان المفترض أن يكون الفائز فيها واحدا والخاسر فيها واحد، ويتراضى الاثنان احتكاما إلى ما يسمى الروح الرياضية لكن هذه الروح الرياضية طلعت من جسد الجمهور وسط حالة من الشحن للأسف الشديد شارك فيها الإعلام من البلدين، فقد كانت البرامج والمعلقون من حيث يبدءوا بالحديث عن الأخوة وسرعان ما يندمجوا فى التلقيح والتلسين ونشر كل الصور التى يمكن أن تستفز جمهور بلاده ليهيج ويبدأ فى الرد . لكن الحقيقة أن الأخوة الجزائريين تفوقوا فى الرد والعنف ربما لطبيعتهم وربما أيضا لأنهم يريدون الفوز بأى ثمن . وكما هو معروف فان المصريين والجزائريين كلاهما شرب من كأس الإرهاب لكن نصيب الجزائر كان أضعاف نصيب مصر وربما كان المتطرفون فى الجانبين بالرغم من قلة أعدادهم قادرين على إلحاق الأذى، لقد كنا نشعر بالدهشة من قدرة بعض جماعات الإرهاب فى الجزائر على الذبح وتفجير المئات فى عملية واحدة، فى مصر عندما اتسع الإرهاب وقف المواطنون وقالوا لا لقتل الغرباء والسياح. كنا نأمل أن يقف الجمهور فى البلدين أو الأغلبية ضد رغبات مريضة لمن يريدونها حرب، كنا نأمل أن يخرج من بين الجزائريين من يقول للمهاجمين بالسنج والمولوتوف ان مايدور فى القاهرة والخرطوم والجزائر مباريات لكرة القدم ومنافسة لا فائز فيها تقريبا إذا سقط قتلى وكيف يمكن تقبل فوز مخلوط بالدم .

فلتذهب المباراة إلى الجحيم ولا يجرح مواطن مصرى أو جزائرى وكيف يمكن ان يتم تعويض قتيل أو جريح وماذا نقول للأجيال القادمة لقد انهزمنا فى كل شيء وانتصرنا على أبرياء مثلنا.

لقد خرجت الروح الرياضية من جسد العلاقات بين مصر والجزائر ولا يمكننا إلا أن نقول لهم العبوا مع بعض.. أو ربما الأجدى أن نقول : لاتلعبوا مع بعض.








مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة