من الصعب أن تحصد فوائد حقيقية من لغط ترشيح الدكتور محمد البرادعى والدكتور أحمد زويل لموقع الرئاسة. ربما الفائدة الوحيدة كانت لوسائل الإعلام التى وجدت ما تكتبه، ولبرامج التوك شو التى أدارت جدلا حول هذه الاختيارات، بالإضافة إلى الاستفادة الإعلامية للشخصيات المطروحة، واستفادة من رشحوهم .. ولكن النتيجة على أرض الواقع هى تقريبا لا شىء.
السبب أنها قضايا ليس لها "راس من رجلين"، فالشخصيات المقترحة ليست لها تواجد سياسى، كما لم تأتى من حزب أو تيار، وكل حيثيات الصحف التى رشحتهم هى صفاتهم الشخصية، وليس برنامجا محددا فى مواجهة برنامج الحزب الحاكم ومرشحه للرئاسة. ناهيك عن أن هذا الحماس لهذه الشخصيات هى تعبير عن أزمة أعمق وهى عدم وجود شخصيات سياسية يمكن الاتفاق عليها بين مختلف القوى، أى أنها ترشيحات الضعفاء، الذين لا يفكرون جديا فى البحث عن أسباب عجزهم .. ولكنهم ينشغلون بمعارك غير حقيقية حتى يتثبتوا لأنفسهم أنهم أقوياء.
إنها "أكاذيب حقيقية" وهو العنوان اللامع لمقالة كتبها منذ عدة سنوات صديقى الصحفى والناقد السينمائى اللامع عصام زكريا فى مجلة روزاليوسف، وكان يتناول أكاذيب من كثرة ترديدها فى السينما الأمريكية، تعامل معها الآخرون وكأنها حقائق، بل وأعادوا إنتاجها وتصديرها وكأنها الحقيقة الوحيدة فى العالم.
هل يعنى هذا أن معركة انتخابات الرئاسة غير مهمة؟
بالطبع لا.. ولكن لابد من خوضها على أرض حقيقية وبمعايير صحيحة حتى يمكن أن تؤثر وتغير ولو قليلا فى الواقع .. ناهيك عن أننى أعتقد أنها ليست المعركة الأهم فى بلدنا.. فهناك ما هو أهم منها على سبيل المثال معارك انتخابات المجالس المحلية والتى تشكل البنية الأساسية لأى ديمقراطية نريدها.. ناهيك عن ارتباطها المباشر بمصلحة الناس.
أضف عليها معارك المنظمات النقابية المستقلة التى يخوضها على سبيل المثال موظفو الضرائب العقارية، وسائقو النقل العام والمدرسون والأطباء والصحفيون وغيرهم وغيرهم بطول مصر وعرضها.. فكيف يمكننا الحديث عن ديمقراطية راسخة دون تنظيمات مستقلة عن السلطة الحاكمة ومعارضتها؟
لكن للأسف المعارك الحقيقية ليست لامعة إعلاميا مثل الأكاذيب التى يصرون على جعلها حقائق على حساب مستقبلنا ومستقبل أولادنا.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة