أستأذن القارئ الكريم فى أن أقول النتيجة قبل تقديم الحيثيات، وهى أن جينات السلطة الحاكمة ومعارضتها واحدة، فكلاهما مستبد، وأن أسوء ما نعيشه فى مصر هو أننا نناضل ضد مستبد كبير حتى يتربع على العرش مكانه مستبد صغير، حتما سيكبر ويصبح مثل من سبقه.
وحيثاتى كثيرة، آخرها هى قرار عبد الحليم قنديل منسق حركة كفاية بأن يطلب إعادة النظر فى عضوية دكتور أيمن نور مؤسس حزب الغد فى الحملة المصرية ضد التوريث فى حال سفر الأخير للولايات المتحدة.
أرجو ألا تتعجب، وانتظر قليلا لتعرف السبب، فهى كما قال قنديل، إن نور إما أن يكون ابنا للحركة الوطنية المصرية المعادية للاستعمار الأمريكى الصهيونى، وإما أن يكون الوجه الآخر لجمال مبارك.
هكذا مرة واحدة، أعطى قنديل حق منح صكوك الوطنية ومنعها عمن يشاء، فإذا كان هذا هو حاله فى جبهة الاشتراك فيها اختيارى، وإذا كان يفعل ذلك وهو لا يملك سلطة تنفيذية، فما بالك لو لا قدر الله وحكم البلد؟!
أرجوك لا تظن أن عبد الحليم قنديل حالة استثنائية، فهذا ما حدث فى حزب التجمع مع أبو العز الحريرى نائب رئيس الحزب، وتم فصله بحجة تطاوله على رئيس الحزب وأعضائه. أضف إلى ذلك الانشقاقات التى لا تنتهى فى كل الأحزاب المعارضة. ففى الحزب الناصرى خرج حمدين صباحى مع مجموعة وأسسوا حزب الكرامة. وخرج أيمن نور وأسس حزب الغد، الذى انشق على نفسه بعد ذلك. ناهيك عن حزب الوفد حدث فيه الانفجار الشهير بين دكتور نعمان جمعه ومحمود أباظة، وانتهى بفصل الأول. وتكرر الأمر فى جماعة الإخوان، عندما اضطر أبو العلا ماضى ورفاقه للخروج وتأسيس حزب الوسط ...الخ.
فالمعارضون للسلطة الحاكمة المستبدة فشلوا فشلا ذريعا فى تأسيس مؤسسات ديمقراطية، واستعاروا أسوء ما فى خصمهم، وأسسوا كيانات مستبدة غير قادرة على النمو والتطور عبر الإدارة الديمقراطية للخلافات.
أعرف أن كثيراً من المعارضين سيرجعون هذا الاستبداد للسلطة الحاكمة التى تحاصرهم، وتدمرهم من الداخل عبر الأجهزة الأمنية، وكل هذا صحيح طبعا، ولكنه ليس السبب الأول، ربما يكون العاشر.. أما السبب الأول فهو أن المعارضين مثل من يعارضونهم مستبدين، وليس منطقياً أن نناضل معهم لإزاحة ديكتاتور كبير ليجلس مكانه ديكتاتور صغير يُكبر فيما بعد.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة