لست مقتنعا بثورة قطاع من المدرسين على اختبارات الكادر، رغم أننى مؤيد لحقهم فى الاحتجاج السلمى. فليس منطقيا أن يرفض أى إنسان الخضوع لامتحانات بين الحين والآخر لتقييم أدائه، وليس منطقيا أن يرفض عاقل أن يطور مهاراته بدورات تدريبية دائمة.
ولكنه للأسف اللا منطق الذى ساد فى البلد فى كل المهن، فليس هناك احترام حقيقى للإتقان. فاللمبة التى تشتريها أنت تعرف أنها لن تعيش الفترة التى قالتها الشركة المنتجة. وما أصلحه السباك ستأتى بغيره لكى يعيده من جديد. والموظف فى أى مكان لن يقوم بعمله، وسيقوم بنصفه لو رشوته. وتأكل فى المطعم وأنت مرعوب لأنك لست واثقا فى جودة الخامات ولا فى الطبخ. إنه الانهيار الذى نشكو منه جميعا فى مستوى السلع والخدمات. ومع ذلك فعندما تقرر وزارة ما أو هيئة ما رفع مستوى المهارات فى الأداء يعتبرها البعض إهانة شخصية، فى حين أن الإهانة الحقيقية ألا يحسن المرء من مستوى مهاراته. ولكنها الثقافة السائدة التى تعتبر أن الأجر هو فى حقيقته مقابل اللا عمل.
أعرف أن السبب الرئيسى هو أن الإتقان لا يعطى صاحبه فى معظم الأحوال حقوقه المادية والمعنوية. فهناك عوامل كثيرة فاسدة تتدخل بقسوة لكى تجعل من لا يستحق يحصل على كل شىء. ولكن هذا ليس مبررا لرفض المدرسين أو غيرهم التطور والتدريب، فكيف يمتحن مثل تلاميذه، رغم أن هذه هى الطرق التى تستخدمها المجتمعات المتحضرة لرفع كفاءة أبنائها.
أنا مثل كثير من المصريين لا أثق كثيرا فى نوايا الحكومة، بعد أن "دقت على الرأس طبول"، ولذلك أنا مع ممارسة المعلمين كل أشكال الاحتجاج السلمية حتى تصبح هذه اختبارات الكادر حقيقية، وليس بابا خلفيا للفساد والإفساد. ومع أن يناضلوا من أجل أن تكون هناك أكاديمية حقيقية للمعلمين، وأن تكون هناك تدريبات جادة على مهارات التدريس، أى يناضلون من أجل رفع كفاءتهم المهنية، وفى ذات الوقت يناضلون بإصرار على رفع أجورهم بما يليق بحياة كريمة. وأدعو الرافضين منهم ألا ينخدعوا بتملق بعض الأحزاب والصحف وحركات الاحتجاج لهم.. فهم لا يفعلون ذلك غراما فى المعلمين، ولكن كرها فى الحكومة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة