هذا هو الرد الأنسب على التصريحات العجيبة لنائب رئيس اتحاد العمال عبد المنعم الغزالى، فالرجل منزعج جدا من فكرة التعدد النقابى، أى حق تكوين النقابات فى المهنة الواحدة، فقال "إذا اتفتت مش هتتلم"، فهو مثل كثير من المسئولين فى الاتحاد العام لعمال مصر (تأمل فخامة تعبير الاتحاد العام لعمال مصر)، لا يمكن أن يتصوروا أن تكون خارج قبضتهم قطاعات من العمال، ولا يخطر على بالهم ولو فى الأحلام، أن الأصل فى الانضمام إلى أى نقابة هو الاختيار وليس الجبر.
ولذلك سيقود هذا الفريق حربا ضروساً ضد المشروع الذى أعدته، حسبما نشرت جريدة اليوم السابع، 22 منظمة مجتمع مدنى وحركة اجتماعية وعمالية، لقانون جديد للنقابات العمالية، يستند جوهره على النص الحازم لحرية انضمام العمال وتأسيسهم للتنظيمات النقابية، وذلك بمجرد إخطار الوزارة، والتى يحق لها الطعن أمام القضاء الإدارى خلال 60 يوما.
والحقيقة أن التعدد النقابى لن يقف ضده المستفيدون من الوضع الحالى فى الاتحاد العام، ولكن وهنا المفارقة، سينضم إليهم كثيرون، بمن فيهم بعض القوى اليسارية التى تبنى خطابها السياسى على الدفاع حتى الموت عن العمال، ناهيك عن الحرب الطاحنة التى ستخوضها السلطة الحاكمة بكل ما تستطيع من قوة.
كل هذه الحرب للأسف مستندة على مفهوم غبى للوحدة، التى ترى حتمية أن يكون لنا صوت واحد وأفكار واحدة وأفعال واحدة.. وهذا امتداد لمنطق فاسد أرسته بحسم حركة 1952 التى تعاملت مع كل النقابات العمالية، وتلك التى يسمونها مهنية، باعتبارها امتداداً طبيعياً للحزب الواحد (هيئة التحرير ومن بعدها الاتحاد القومى ثم الاتحاد الاشتراكى)، وكان طبيعيا أن يكون التنظيم النقابى واحداً، ويكون ملحقا بالحزب الواحد، ودوره الوحيد هو حشد وتعبئة الجماهير وقت الحاجة.
رغم أن الحياة بطبيعتها متعددة، ورغم أن الشعوب بطبيعتها تتضمن قطاعات متعارضة ومصالح متناقضة، ويتم إدارة كل ذلك بشكل ديمقراطى، انطلاقا من تكريس فكرة وحدة التعدد، أى التنوع السياسى والثقافى والدينى فى إطار وطن حر. وليس وحدة النفى، التى تفرض الجزء فرضا باعتباره الكل، ورغم الكوارث والمصائب التى وقعت وما زالت تلاحقنا، فما زال هناك مستبدون من المحيط الهادر إلى الخليج الثائر مصممون على الخراب.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة