من مَأمَنِه يُؤتَى الحَذِر. ربما لا شىءَ يُلخِّصُ المشهدَ الإقليمىَّ المُشتعلَ أكثر من هذا القول المأثور، وبالنسبة لكلِّ الأطراف المُتشابكة ميدانيًّا على حدٍّ سواء. إسرائيلُ بُوغِتَت من جانب غزَّة وكانت تتوهَّمُ أنَّ حماس تحت سقف الردع
ستكون غزَّة مُجرَّد تفصيلةٍ صغيرة بين محاور النقاش. وعندما يلتقى الرئيس السابق والمُرشَّح الجمهورى دونالد ترامب، مع منافسته الديمقراطية كامالا هاريس، فى مُناظرتهما الرئاسية الأولى غدًا.
مثلما الزمنُ لا يعود للوراء؛ فالذين قضوا فى جحيم غزَّة صاروا رقمًا فى أرشيف الضحايا. يتأسَّى العالم عليهم لكنه لا يسعى لاستيفاء حقوقهم؛ وما استدعاؤهم فى مجال النزاع إلَّا لاستنقاذ الباقين.
الحربُ امتدادٌ للسياسة بوسائل أخرى، على القول الشائع للمُنظِّر البروسىِّ الشهير كارل فون كلاوزفيتز. وعليه فإنَّ إيقاعَها يتحدَّد فى الكواليس، لا فى الميادين حصرًا.
لا شىء أكثر وفرةً فى غزَّة من الموت؛ إنما قد يُنافسه الصَّمَم. يبدو المشهدُ كما لو أنه لا أحدَ يسمعُ الآخر، وأنَّ مُحتكرى القرار فى القطاع مُنعزلون عن ساكنيه تمامًا.